موقع مدينة سلمان باك التاريخية بين الأمس واليوم

تقع مدينة سلمان باك، المعروفة أيضًا باسم المدائن، جنوب شرق العاصمة العراقية بغداد. تبلغ المسافة بينهما عدة كيلومترات فقط. تتمتع هذه المدينة بفرادة جغر

تقع مدينة سلمان باك، المعروفة أيضًا باسم المدائن، جنوب شرق العاصمة العراقية بغداد. تبلغ المسافة بينهما عدة كيلومترات فقط. تتمتع هذه المدينة بفرادة جغرافية وثقافية فريدة، حيث كانت عاصمة للإمبراطورية الساسانية قبل الفتح الإسلامي، ثم تحولت لاحقًا إلى إحدى المحافظات الهامة خلال العصر الأموي. تُعتبر المدائن اليوم موقعًا أثريًا مهمًا يعود بتاريخه لما يقرب من ثلاثة آلاف سنة.

وفقًا لشرح ياقوت الحموي في كتابه "معجم البلدان"، اشتقت تسمية "المدائن" من كون المدينة عبارة عن سبعة أحياء متفرقة ومتصلة بطرق ممهدة، وقد عرّب بعض الآباء المغاربة أسماء تلك الأحياء القديمة التي تحمل بصمة الثقافتين الفارسية والعربية مثل أسفبور (وأصبحت تعرف بأسفانبير) وهردرشير وغيرها الكثير مما يشكل جزءًا حيويًّا من تراث المنطقة.

ومن النقاط البارزة الأخرى المتعلقة بسلمان باك هو ارتباطها الوثيق بالأحداث الدينية والدولية عبر التاريخ. فبعد غزو العرب لبغداد واستقرارهم فيها بشكل نهائي، اختار الخليفة الثاني أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- موقعَ سلمان باك كمكان ملائم لإنشاء قاعدة استراتيجية للحروب الشرقية نظرًا لخصائصها الطبيعية المناسبة آنذاك. كما أنها شهدت دفنا للصحابي الجليل سلمان الفارسي وكذلك العديد ممن رافقوه أثناء الدعوة الإسلامية المبكرة منهم حذيفة بن اليمان وعبدالله بن جعفر الطيار وغيرهم ممن ارتبطت حياتهم بدخول الدين الإسلامي مرحلة الانتشار الواسع.

وعلى مر القرون التالية برز أهالي المدائن كقطاع فلاحي مؤثر خاصة بعد ضعف النفوذ البيزنطي والحاجة الملحة للقوة البشرية الزراعية وسط حركة نقل السكان الواسعة التي حدثت عقب سقوط الدولة الصفوية. وعلى الرغم من انحراف بعض قبائلها نحو التشيع الإمامي إلا أنه ظلت تحت تأثير رابطة الأخوة الدينية والروابط القبلية المشتركة حتى يومنا الحالي رغم تغييرات السياسات الحكومية المختلفة منذ الحقبة الاستعمارية والإبقاء التدريجي لحكم المركز الموحد وحتى الانفلات الأمني المستمر في السنوات الأخيرة وما خلفه ذلك من تداعيات على الحياة الاجتماعية والثقافية والتاريخية لهذه الحاضرة القديمة ذات الماضي المجيد والمستقبل المنشود بإذن الله تعالى.


عليان الكيلاني

31 مدونة المشاركات

التعليقات