يُعدّ مرج بن عامر، الواقع شمال غرب الضفة الغربية، واحداً من أكثر المناطق إستراتيجيةً وإنتاجيةً في فلسطين. وهو سهل ممتد يشغل ثلاث مدن رئيسية هي جنين ونابلس وطبرية، ويصل طول هذا السهل 48 كيلومتراً وعرضه نحو 22 كيلومتراً، مما يعطي مساحته حوالي 356 كم².

موقع مميز واستعمالات متنوعة

يتمتع مرج بن عامر بموقع جيوسياسي وفريد، فهو حلقة الوصل بين الشمال والوسط الفلسطيني. تشكلت حدوده بشكل مثلثي بزاوية الجنوب الشرقي عند مدينة جنين، وزاويتي الشمال الغربي عند مدينتي صفد وحيفا. تُغطي تضاريسه المتنوعة غطاء خصبًا بالأراضي الخصبة والمياه الصالحة للسقاية، مما جعل منه "سلة خبز" فلسطين بما توفره من بيئة ملائمة لإنتاج المحاصيل الغذائية الرئيسية كالقطن والقمح والشعير وغيرها.

أسماء متعددة تعكس تاريخ طويل

تعاقبت العديد من الحضارات والإمبراطوريات في منطقة مرج بن عامر، كل منها ترك بصمة باسم خاص بهذا المكان العزيز جغرافياً وثقافياً. لقد سمّاها السكان الأصليون، الكنديون، "يهزرعهيل"، بينما اطلق اليونانيون اسم "لعجين". ولكن الأكثر شهرة هو الاسم العربي التقليدي المستمد من قبائل العرب القديمة ("بنو عامر") الذين حكموا هذه الأرض ذات يوم.

ذكريات التاريخ وآثار الحروب

تشهد تلك الأراضي خصباً لحركات التاريخ العسكري كثيرة؛ حيث شهدتها إحدى أهم معارك عصر الدولة الحديثة المصرية تحت قيادة الفرعون الشهير تحتمس الثالث ضد المدينة الواقعة ضمن نطاق مرج بن عامر والتي تعرف اليوم بمجدو. وفي القرن العشرين شهد نفس الميدان مواجهة أخرى هائلة حين واجه البريطانيون القوات العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى. وقد أصبحت رؤية دبابات البريطانية تسير فوق حقوله رمزاً بارزاً للحرب غير المسبوقة آنذاك. إن ذكرى هذين الحدثين تظلان حيَّة حتى الآن رغم مرور عقود عليهما.

وسائل نقل وتبادل تجاري

لم يكن دور مرج بن عامر محصوراً بالإنتاج والحرب فحسب، بل لعب دورا محوريا كنقطة تمركز لنقل والبنية التحتية للنقل أيضًا حيث مرَّت عدة طرق سككية مهمة عبر منطقته بالإضافة لأنبوب نفط بغداد - حيفا القديم قبل انقطاع عمل الأخير نتيجة للأحداث السياسية الأخيرة. لذلك يبقى المرجان العملاق ذا قيمة كبيرة بالنسبة لكل من يريد فهم واستيعاب معمار الحياة الفلسطينية الاقتصادي والثقافي والتاريخي أيضاً.