تقع مدينة دهشور، وهي قرية مصرية كبيرة وغنية بالتاريخ والثقافة، غربي نهر النيل مباشرةً، وعلى بعد حوالي 71 كم غرب هضبة الجيزة الشهيرة. تتميز بموقع إستراتيجي يستوطن زاويتين متناقضتين - الصحراء الشاسعة من جانب ونهر النيل ومناظره الخلابة من الجانب الآخر. تحدها شمالاً منطقة سقارة، وجنوباً كلٌّ من الطريق الدائري الثالث ومدينة العياط. إنها واحدة من أهم المواقع الأثرية القديمة حول العالم نظرًا لأهراماتها الرائعة وخبراتها الهندسية المتقدمة آنذاك.

كانت دهشور مسرحًا لتطور فنون وعلم هندسة الأهرام المصرية خلال عصر الدولة القديمة؛ فقد شهدت بنائها أول صورة ناضجة لهيكل الهرم المصقول والمكتمل بشكل مثالي والذي يعد اليوم رمزًا للتكنولوجيا الإنشائية المصرية العريقة. هنا بدأت رحلة تطوير تقنيات تشييد الأهرامات الحديثة عبر تجارب غير مسبوقة مثل "الهرم المنحني"، والذي رغم أنه لم يكن مثالياً بسبب تغيير زاوية ميل سطحه أثناء بنائه إلا أنه ترك دروساً ثمينة تعلم منها مهندسو وقت لاحقٍ كيفية تفادي تلك المشكلات وتحقيق نتائج أكثر واقعية وهندسية أعلى كفاءة فيما بعد.

تشتهر دهشور أيضًا بتراثها الثقافي الواسع ومتاحف الآثار الخارجية المفتوحة طوال العام للجمهور الراغب باستكشاف جماليتها وإبداعات الحضارة القديمة. تمتد رقعة آفاقها الآثرية لما يقرب الثلاثون كم٢ مما يجعلها موطنًا لجذب سياحي متنوع يشمل رؤية نظرات عامة شاملة للسطح السفلي والجزء الأعلى للصحراء المحاذية للنile بالإضافة لقناة مياه قديمة تغذي الحياة النباتية والحياة البرية الموجودة فيهما بكثافة داخل واحة خصبة تحيط بحوض بحيرة مستخدمة حاليًا كتجمع طبيعي للمياه ربيعية تسمى بركة الدهشور. تعكس القرية تنوع البيئات الطبيعية والتاريخ المقفر بإيقاعيات شاعرية تخطف الانظار فتسحر عيون رواد الرحلات الاستكشافيه وتترك ذكريات مميزة لدى قلوب هواة التنقل والاستمتاع بالمواقع الرومانسية الثابتة عبر الزمن .