يقع سد مأرب الفريد في قلب اليمن، تحديدًا في محافظة مأرب ذات التراث الغني، وهو معلم بارز يحظى باحترام كبير في المنطقة. يُعدّ هذا العمل العظيم أحد روائع الهياكل الهندسية القديمة في جزيرة العرب، والذي يعكس براعة الإنسان القديم.
تم تصنيف سد مأرب ضمن قائمة أهم المنشآت المائية حول العالم بسبب حجمه الهائل وطوله الاستثنائي الذي يصل لحوالي 577 مترًا. أما عرضها فهو يسجل رقم قياسي تقريبًا عند 915 متراً. لقد صمم مهندسو بنائه -على وجه التحديد سبئية الأصل- الاعتماد على الجانب الأكثر تعرضًا للسيل لتجميع المياه. لم تغفل عبقرية هؤلاء المهندسين جانب التحكم بتصريف هذه الكميات الضخمة أيضًا، لذا أدخلوا نظام فتح وإغلاق المدقات لتحقيق أعلى مستويات الاختيار والتوجيه لدفق المياه.
بشهادة المؤرخين والحضارات المتلاحقة منذ آلاف الأعوام، يعد سد مأرب واحدًا من أجمل المشاريع الانشائيَّة الإنسانية وأكثرها تطوُّرًا خلال تلك الفترة الزمنية المبكرة جدًا. استنادًا لما خلَّفته حضارة حمير، يمكن رصد مؤشرات توضح البدء الرسمي لبناء هذا الصرح العملاق تحت إدارة "علي ابن عفان" وأسرته الملكية آنذاك. ومن الجدير ذكره أنه رغم مرور عدة فترات عصيبة شهدت هدماته المتكررة -كانت أبرزها نتيجة لكوارث طبيعية كالأحداث السجيلَّة الشديدة- إلا أنها جميعها لم تنمَط عزيمة شعوب ومماليك حكام الأرض الذين عملُوا بكل جد لإعادة الاعتبار لهذه المؤسسة الرائعة مرة أخرى حتى أصبح هناك ست عمليات إعادة تأهيل رئيسية بما فيها الأخيرة والتي تمت برعاية دول الخليج العربي والدولة الإماراتية تحديدا سنة ١٩٨٦ ميلادية.
يتمتع الموقع الجغرافي لسدود المرِّب بميزة فريدة إذ ينتصب بمحاذاته جبال شاهقة تحمل تسميتي "البلك الأعلى" و"البلك الأدنى." بالإضافة لذلك، تشير بعض الروايات التاريخية إليها باسم "البلك الجنوب". تجدر الإشارة كذلك لقوة التصميم والبنية الأساسية المستخدمة أثناء مرحلة الإنشاء، حيث استغل المساحيون المحترفون خصائص أرض المكان المرتبط ارتباط مباشر بخاصيات طبيعته الصحراوية القاسية مما ساعدتهم كثيرًا لاتخاذ القرار بشأن اختيار مواد بناء مقاومة للعوامل الطبيعية المختلفة مثل الأحجار والصخور المحلية المستوحاة مباشرة من البيئة المحيطة، وظلت متماسكة ومتينة باستخدام المواد الملزمة المقاوِمة للرطوبة كالجبسون والمعادن الذائبة وهكذا دواليك... وما يكشف عنه حقائق جديدة غير معروفة سابقًا كيفية تركيب قطع حجريه بشكل صحيح ودقيق للغاية، ولعل ذلك السر هو مفتاح قدرتها على مواجهة رياح وزلازل شديدة قوتها دون خلل ملحوظ يؤثر سلبيًا عليها لاحقا! هذا النموذج الفذ لمنطقة تخزين أمطار موسم الأمطار الصيفيه جعل منه مصدر حياة ورقي لعاصمة دولة مجاور لها وهي مدينة صنعاء الواقعة شمال الحديدة حالياً. إنها حقا ثورة تكنولوجيا ري وتحليه ممتدة لمسافة ٢٠٠ كيلومتر مربع فقط ! أخيرا ، إنه سَدّ يعبر حدود الوقت ويعيش للأبد رمز ترسانة فنون معماري قديم خالد سرمدا .