موقع وخلفية تاريخية لأخدود ماريانا: عمق البحار وعظمة الطبيعة

أخدود ماريانا، الموقع الأعمق تحت مياه الأرض، يمتد عبر سلسلة طويلة ومذهلة تغطي مساحة تقدر بـ ٢٥٥٠ كيلومتراً، مع عرض يصل لحوالي ٦٩ كيلومتراً. وبعمق يزيد

أخدود ماريانا، الموقع الأعمق تحت مياه الأرض، يمتد عبر سلسلة طويلة ومذهلة تغطي مساحة تقدر بـ ٢٥٥٠ كيلومتراً، مع عرض يصل لحوالي ٦٩ كيلومتراً. وبعمق يزيد عن ١١ كيلومتراً - وهو أبعد بكثير مما يمكن أن ترتفع إليه قمة إيفرست الشهيرة - يعد هذا الأخدود شهادة حقيقية للقوة الخفية لعناصر البيئة البحرية.

ويذكر أنه قد تم تكريس الاسم "ماريانا" له تخليداً لتاريخ الاستعمار الإسباني؛ إذ سميت الجزيرة القريبة بهذا الاسم نسبة إلى الملكة ماريانا ابنة ليوبولد الأول، ملك النمسا وزوج الراحل فرديناند الثاني عشر، ملك إسبانيا آنذاك. ولكن رغم العلاقة التاريخية لهذه التسمية، فإنه ليس للأخدود علاقة مباشرة بموقع المركز الأقرب للأرض ضمن بنيتها الداخلية. فعلى الرغم من أنه الأعمق عالمياً، فللحقيقة الأخرى بأن شكل الأرض ليس دائريًا بشكل مثالي وأن الأقرب إلى قلب الأرض موجود حول مؤشر القطب الشمالي المجمد.

في ظل الظروف القاسية المرتبطة بالأبعاد والأعماق البعيدة لمثل تلك المناطق غير المرئية عادة للعين البشرية، فقد توصل العلم الحديث لإكتشاف وجود مجموعات متنوعة ومتناهية الصغر من الأحياء البرمية والبكتيريات والميكروبات داخل مجتمعاتها الفريدة والمعقدة. بدءًا من أحجار الشعاب المرجانية المصنوعة من تراكم عضلات المحارات الصغيرة مرورًا بتواجد مخلوقات بحرية دقيقة مثل الجمبري الصدفي الصغير وغيرها الكثير والتي تعتاش تحديدًا على رواسب التربة الغذائية المتراكمة هناك نتيجة لسقوط المواد النباتية والحيوانية المختلفة من فوق طبقات الماء فوقها.

إن قدرتها المدهشة على البقاء والحياة وسط ظروف كهذه تعد دليلاً آخر على مدى قوة الحياة وقدرتها على التأقلم والتكيف مع أصعب المواقف بيئيًا ومعززة لفكرة شمولية النظام البيولوجي العالمي والإنسجام الكبير فيه حتى وإن بدا الأمر الخارجي مضاداً للحياة تمامًا بالنسبة لنا!


المنصور السيوطي

35 مدونة المشاركات

التعليقات