بدأت رحلة الإنترنت كفكرة علمية رُسمت لأول مرة عام ١٩٥٧ خلال الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي. كان الهدف الرئيسي هو تطوير نظام اتصال عسكري يمكنه مقاومة الهجمات النووية. وقد بدأ هذا المشروع تحت إدارة وزارة الدفاع الأمريكية تحت اسم ARPANET (شبكة المؤسسة المتقدمة للأبحاث التعاونية).

في العام نفسه، قدم بول باران، وهو مهندس أمريكي يعمل لدى وكالة DARPA، فكرة شبكة حاسوب مترابطة تسمح بالتواصل والتشارُك للمعلومات بين الحواسيب المختلفة. هذه الفكرة مهدت الطريق لما نعرف اليوم باسم بروتوكول التحكم بالنقل TCP/IP الذي أصبح أساس بنية الانترنت كما نراها الآن.

شهد ستينيات وسبعينيات القرن العشرين تقدمًا كبيرًا نحو تحقيق رؤية باران. في ديسمبر ١٩٦٩، نجحت أول عملية نقل بيانات عبر شبكة ARPANET عندما قام فريق بحثي بإرسال الرسالة الشهيرة "LO"، والتي كانت الاختصار لـ LOGIN قبل انقطاع الاتصال بسبب مشكلة تقنية بسيطة. لكن تلك اللحظة الصغيرة كانت بداية للتطور الهائل الذي شهدته التقنية لاحقًا.

مع مرور الوقت، توسعت شبكات الكمبيوتر بشكل ملحوظ لتشمل مؤسسات التعليم والبحث العلمي الأخرى حول العالم. وفي الثمانينات، بدأت الشركات الخاصة تبني استخدام الشبكة، مما أدى إلى ظهور الإنترنت التجاري واستخداماته الشخصية. ساهمت شركة MCI Communications Inc. وسيسكو سيستمز Cisco Systems وغيرها من شركات التقنية الرائدة في تعزيز انتشار الإنترنت عالميًا وتطوير معايير جديدة مثل HTTP وHTML التي أتاحت تصفح الموقع الإلكتروني الحالي كما نعرفه اليوم.

اليوم، يعتبر الإنترنت جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، فهو ليس مجرد طريقة لإرسال البيانات ولكنه أيضًا بوابة لدخول المعرفة والثقافات المختلفة حول العالم. إن الرحلة التي بدأت بفكرة بسيطة لبروتوكول لنقل البيانات عبر الأجهزة المحلية قد تحولت إلى محرك للاقتصاد العالمي ودعامة للابتكار والإبداع الإنساني.