• صاحب المنشور: كريم التونسي
  
  ملخص النقاش:
  

  في المجتمع الإسلامي، تعتبر عملية صنع القرار أمراً حاسماً وحساساً. تعكس هذه العملية تفاعلاً معقداً بين العقل والعاطفة أو الحدس، وهو توازن يتطلب فهماً عميقاً للقيم والمبادئ الإسلامية. عندما نواجه قراراً مهماً، نجد أنفسنا غالبًا نقيس الخيارات بناءً على المنطق والاستدلال (العقل)، ولكن أيضًا نتأثر بشعور داخلي غير واضح تماما قد يعتبر حدسا أو فطرة دينية (الحدس). هذا التقاء البصر البصري والإرشاد الروحي هو جزء مهم من الثقافة والفلسفة الإسلامية.

من منظور شرعي، يُشدد القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة على أهمية طلب العلم والمعرفة قبل اتخاذ أي قرار. كما قال الله تعالى في سورة يونس الآية 104:"فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون". وهذا يشجع المسلمين على البحث والحصول على المعلومات اللازمة لاتخاذ خيار مستنير. بالإضافة إلى ذلك، يؤكد الحديث النبوي الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال:"استشاروا أهل الحكمة"، مما يدل على قيمة الاستشارة والعلم عند اتخاذ القرارات المهمة.

على الجانب الآخر، يعترف الإسلام بحرية الرؤية الداخلية للإنسان واستخدامه للحواس الأخرى مثل القلب والشعور. في العديد من الأحاديث النبوية، تشجعنا الرسول صلى الله عليه وسلم على الثقة بنحنياتنا الداخلية، حيث يقول أنه إذا رأى المؤمن شيئاً حسنه فذلك لأنه حسن وإذا سمع شيئاً أحبه فإنه محبوب بإذن الله. هنا يتم الاعتراف بالدور الحيوي للحدس والقلب في توجيه الأعمال البشرية.

لتحقيق التوازن الأمثل بين العقل والحدس في صنع القرارات الإسلامية، يمكن للمرء استخدام استراتيجيات مختلفة. أولها جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات والأدلة المتعلقة بالقضية المطروحة باستخدام العقل. ثم يأتي دور الفحص الذاتي للتأكيد فيما إذا كانت هناك أي أدلة عاطفية أو روحانية تدعم القرار الذي خلص إليه الفرد عقليا. أخيرا، الدعاء والتضرع لله عز وجل ليوفق الشخص نحو الطريق الصحيح.

وفي نهاية الأمر، ينبغى التأكيد على ضرورة احترام كلتا الجوانبين -العقلانية والحدسية- أثناء عملية صنع القرار لأن كلاهما لهما مكانتهما الخاصة ضمن النظام القيمي للدين الاسلامي.