- صاحب المنشور: أسد الهاشمي
ملخص النقاش:
مع ارتفاع درجات الحرارة العالمية وتزايد حدّة الظواهر الجوية المتطرفة، تواجه الزراعة تحديات غير مسبوقة. يأتي تحول المناخ ليضغط على الأمن الغذائي العالمي ويؤثر بشكل كبير على سبل عيش ملايين البشر الذين يعملون في القطاع الزراعي. تتجلى هذه التأثيرات جلية في انخفاض المحاصيل وقلة توفر المياه وفقدان التربة الخصبة وغيرها الكثير. إلا أنه رغم وجود العديد من المخاطر، هناك أيضا فرص هائلة لاستغلال تكنولوجيا جديدة وأساليب زراعية مستدامة للتكيف مع تغير المناخ وتعزيز الصمود الزراعي.
تعد الزراعة أحد أكبر المساهمين في الانبعاثات الغازية الدفيئة إذ تشكل حوالي ربع إجمالي الانبعاثات العالمية. وبالتالي فإن التحول نحو ممارسات زراعية أكثر استدامة ليس ضروريا للحفاظ على البيئة فحسب، بل أيضا لتحسين كفاءة الإنتاج وخفض تكاليف العمليات الزراعية. يمكن تحقيق ذلك عبر مجموعة متنوعة من الوسائل مثل استخدام تقنيات الري الحديثة التي تقلل الاستهلاك المائي، اعتماد أصناف محسنة من النباتات مقاومة للظروف الجوية القاسية، تطوير نماذج أعمال مبتكرة لتعزيز اقتصاد دائرة مغلقة داخل المجتمعات المحلية.
بالإضافة إلى ذلك، تعد إدارة الغابات والمحافظة عليها جزءا حاسما من جهود مكافحة تغيّر المناخ. تلعب الأشجار دوراً أساسياً في امتصاص ثاني أكسيد الكربون مما يجعلها مصدرا رئيسياً لإزالة الكربون. كما أنها تساعد في تنظيم جريانات مياه الأمطار ومنع الفيضانات خلال فترات هطول أمطار غزيرة. لذلك، يتعين اتخاذ خطوات لحماية المناطق الغابية الموجودة حاليا وإعادة تأهيل تلك التي تضررت بالفعل بسبب الأنشطة البشرية أو ظروف مناخية قاسية.
وفي الوقت الذي نعترف فيه بتأثير تغير المناخ السلبي على العالم الزراعي، لا ينبغي لنا إنكار الفرصة التاريخية أمامنا لنعيد تصور نظام غذائي وصحي ومستدام. يجب تشجيع البحث والتطوير والاستثمار الفعال لتطبيقات الزراعة الرقمية واستخدام الذكاء الاصطناعي لأتمتة عمليات الزراعة والإدارة. كذلك، تحتل مشاركة المجتمعات المحلية دور حيوي حيث يتم دمج خبرات السكان الأصليين والمعارف التقليدية لفهم أفضل لكيفية التعامل مع بيئتهم الخاصة وكيف سيؤثر عليهم المناخ المتحول.
إن مواجهة تحولات المناخ تعني ضمان بقائنا جميعاً، ولذا مطلوب بذل الجهود المشتركة من قبل الحكومات والشركات والمزارعين الأفراد والفئات الاجتماعية الأخرى لاتباع مقاربات متكاملة ومتوازنة تجمع بين التكنولوجيا والممارسة الزراعية وحماية الطبيعة. بهذه الطريقة، نضمن مستقبلًا مستقرًا للأجيال المقبلة بعيدا عن مخاطر اضطراب النظام الزراعي نتيجة لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري.