لم يكن تصميم الغرافيك مجرد حرفة وفن بصري فحسب؛ بل هو قصة تتشابك مع تاريخ البشرية وتقدمها الثقافي والحضاري. يعود تاريخ هذا المجال إلى الآثار القديمة والأدوات المكتوبة التي استخدمت لتمثيل الأفكار والرسائل المرئية بشكل فعال. ومع مرور الوقت، تطورت التقنيات وأساليب التعبير البصري لتصل بنا إلى العصر الرقمي الحديث.

في الحضارات الأولى مثل مصر الفرعونية، لعب فن الكتابات الهيروغليفية دوراً محورياً في تسجيل الأحداث التاريخية ونقل الرسائل الملكية والدينية. كانت هذه الرموز هي أساس التواصل الأولي بين المجتمعات البدائية، مما سمح بنقل المعرفة والثقافة بطريقة مرئية وجذابة. وبمثل هذا النمط، طور البابليون والإغريق القدماء مهارة كتابة النصوص والصور الدقيقة على الفخار والخزف وغيرهما.

مع ظهور الإمبراطوريات الرومانية والمسيحية في أوروبا خلال القرون الوسطى، شهدنا تحولاً بارزاً نحو استخدام الطباعة كوسيلة لنشر التعاليم الدينية والعلمية. بدأت مطابع غوتنبرغ الشهيرة بتغيير وجه العالم حين سهّلت نشر المطبوعات بسرعة ودقة غير مسبوقة، مما أدى إلى انتشار العلم والمعرفة الواسع. ازدهرت حركة النهضة الأوروبية بعد ذلك بفترة قصيرة، وظهر فيها مصممون رائدون أمثال ليوناردو دا فينشي الذي لم يمتلك موهبته فقط في الرسم لكن أيضا في الهندسة وصناعة الوثائق الجمالية المتكاملة.

بحلول القرن الثامن عشر، رأينا بداية حقبة الصناعة الحديثة والتي شملت توسيع نطاق استخدام الصور التوضيحية في الأدب والصحافة. خلال الحرب العالمية الثانية تحديدا، برز دور التصميم الجرافيكي كوسيلة قوية للتلاعب بالعواطف الجماهيرية من قبل الحكومات، وهو ما عُرف باسم "propaganda". وبعد انتصار الحلفاء بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، بدأ الاعتماد الكبيروالسريععلىالتكنولوجيا الجديدةكالطباعهالأوفستوالاستخدامالعالي للألوانالمرنة(Pantone) .

وفي عصر عصر ما بعد الحرب العالميّة الثانيّة، جاء اتجاه جديد يسمى 'Bauhaus' والذي ركز أكثرعلى الشكل البسيط والوظيفة العملية للمخطوطات والنظام العام للأشكال والألوان. كان لهذه الحركة تأثير عميق على عالم تصميم الرسومات إذ أنها حفزت المصممين على التركيز ليس فقط على الجمال ولكن أيضًا على القوة التواصلية للفكرة نفسها.

ومع تقدم تكنولوجيات الكمبيوتر، أصبح بإمكان الفنانين الوصول لعالم بلا حدود من الاحتمالات الإبداعيَّة . فعلى سبيل المثال ، ظهر برنامج Adobe Photoshop منذ عام ١٩٩٠ مما أتاح إمكانيات جديدة للعاملين بمجال الصورة وصنعها رقميًّا بكفاءة مذهلة مقارنة بالأسلوب اليدوي السابق. كما أسهم الإنترنت وسوق الاتصالات الإلكتروني في جعل الخيارات متعددة أمام الجمهور المستهدف حول العالم الأمر الذي سرَّع العملية الانتقاليه الهائلة باتجاه العمل الحر والاستقلال الذاتي لكل مصمم محترف .

واليوم، يستمر مجال التصميم الجرافيكي بالتطور بوتائر متزايدة بسبب ثورة الواقع المُعرِّض ثلاثي الأبعاد ومختلفتاثيرات الانيميشن المتحركeffectsmotion )(. تُفتح أبواب الإبداع واسعة أمام أي شخص لديه هدف واضح كيفما اختار تنفيذ أفكاره سواء باستخدام وسائل تقليديه او رقمية حديثه . إن دمج التفكير بصريا مع فهمعميق للحاجات النفسية والسلوكية للسكان المحليين يمكنانشاء منتج نهائي ذو صدى قوي لدى جميع المشاهدین بغض النظرعن موقع تواجدھم الفيزيقي! وهكذا تبدوا نظرة شامله لما وصل إليه مجالا التصميمالجگرافيكي الآن وماهو قاب قوسيناوأدنى منها بالنسبة للغد القريب جدا ..