تعد مشكلة التلوث البيئي إحدى القضايا الملحة التي تواجه العالم الحديث، ومن بين أشكال هذا التلوث ما يعرف بالتلوث البيولوجي للهواء. يشير هذا المصطلح إلى وجود ملوثات بيولوجية معلقة في الهواء قد تكون غير مرئية للعين المجردة ولكن لها تأثيرات ضارة جسيمة على صحة الإنسان والنظم البيئية. هذه الجسيمات الحيوية المنبعثة يمكن أن تتضمن البكتيريا والفطريات والفيروسات وحبوب اللقاح والجراثيم الأخرى.
يتنوع مصدر تلك الملوثات بشكل كبير؛ فمن احتراق الوقود الأحفوري والنفايات الصناعية إلى نشاط الزراعة والحراجة وحتى الأنشطة المنزلية اليومية كالطهي والتدخين. تعمل بعض العوامل مثل الرياح وظروف الطقس على انتشار هذه الملوثات عبر مسافات واسعة، مما يجعل التأثير العالمي للتلوث البيولوجي للهواء أكثر خطورة.
تظهر آثار هذه المشكلة بصورة واضحة في زيادة معدلات الإصابة بأنواع مختلفة من الأمراض التنفسية والقلبية والأورام الخبيثة. حيث يؤدي استنشاق كميات كبيرة من المواد المثيرة للحساسية والمواد المسرطنة الموجودة داخل هباءيات الغلاف الجوي إلى تفاقم حالات الربو والأزمات القصوى لدى مرضى أمراض الجهاز التنفسي المزمنة. كما ارتبط التعرض طويل المدى لمسببات حساسية الهواء بتطور أنواع متقدمة من السرطان خاصة سرطان الرئة.
بالإضافة لذلك، فإن تأثير التلوث البيولوجي ليس محصورا فقط بالإنسان بل تمتد لتشمل الحياة البرية أيضًا بإحداث تغييرات سلبية في النظام البيئي المحلي وإنخفاض خصوبة التربة والنباتات نتيجة اختناق نموها بسبب نقص الأكسجين وإطلاق غازات سامة مضرة بالنظام الغذائي للنباتات.
لتدارك الوضع الحالي وتجنب تداعيات مستقبلية كارثية، أصبح ضروريا اتخاذ إجراءات حاسمة وفورية للحد من انبعاثات مصادر التلوث البيولوجي المختلفة واستبدالها بوسائل صديقة للبيئة ومع إمكانية إعادة التدوير والحد من النفايات قدر المستطاع. ولا بد هنا أيضا من التركيز على تعزيز الثقافة الصحية العامة وإرشاد أفراد المجتمع حول كيفية التصرف أثناء فترات ارتفاع نسب الأتربة والسوائل المعلقة بالمحيط الخارجي لحماية صحتهم وصحة الآخرين ممن يعانون مثلهم نفس الشروط المعيشية المضرة بالحياة الطبيعية. إن مواجهة تحديات ظاهرة التلوث البيولوجي ليست مجرد مسؤولية فردية وإنما مسؤولية مشتركة تستوجب جهودا مجتمعية موحدة لإيجاد حلول فعالة ومستدامة تحافظ على سلامة كوكب الأرض وتعزز رفاهيته لأجياله المتعاقبة للأمام وللعمران الآتي بحفظ خلق الله عز وجل وخيراته الدائمة بلا انتهاء لمدتها وضيق مجال استخدام موارد الدنيا الوفرية ومتجددة دوماً إذا تمت العناية بها حق العناية بمشاركة الجميع وبغير أي تقصير فيما هو مؤتمنون عليه جل وعلا حسب وعده الكريم "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".