البحر الأبيض المتوسط ليس مجرد مسطح مائي واسع، بل هو منظومة بيئية غنية ومتعددة الطبقات تتمتع بمجموعة فريدة من الخصائص التي تشكل هويته الخاصة. يقع هذا البحر الاستراتيجي بين أوروبا وأفريقيا وآسيا ويغطي حوالي مليون كيلومتر مربع من سطح الأرض. خصائصه المناخية، البيولوجية، الهيدرولوجية، والعناصر الغذائية تلعب دوراً حاسماً في تحديد طبيعة الحياة فيه.
الخصائص المناخية:
يمتاز البحر الأبيض المتوسط بمناخ متوسطي نموذجي، معروف باسم "المناخ الجاف". الصيف هنا حار وجاف جداً، بينما الشتاء معتدل وجاف نسبياً. الأمطار ليست موسمية ولكنها يمكن أن تكون مفاجئة وشديد غزارتها أثناء فترات الرياح القوية. وهذا المناخ له تأثير مباشر على النظام البيئي المحلي بالنباتات والحيوانات.
التنوع البيولوجي:
يُعتبر البحر الأبيض المتوسط نقطة ساخنة عالمية للتنوع البيولوجي تحت الماء. نسبة كبيرة - حتى 18٪ حسب بعض التقديرات - من الأنواع البحرية ترتبط بهذا المجال. فهو موطن لأعداد هائلة من الأسماك مثل سمكة التونة ذات الزعانف الزرقاء والسلمون المرقط، إضافة إلى أشكال أخرى من الحياة البرية بما في ذلك أنواع مختلفة من السلاحف والقرش وبكتيريا بحرية نادرة. كذلك، يعدّ البحر ملاذاً رئيسيًا لفقم البحر الأبيض المتوسط وغيرها من الثدييات البحرية.
ظروف المياه:
إن المد والجزر في البحر الأبيض المتوسط ضعيف عادة مما يساهم في الحد من قدرة البحر على تنظيف نفسه من النفايات. ومع ذلك، فإن مشكلة تلوّث مياه البحر الأبيض المتوسط ليست فقط بسبب نقص التنظيف الذاتي وإنما أيضًا نتيجة للإفراط في استخدام المواد الكيميائية الضارة الناجمة عن المدن الصناعية المنتشرة حول ساحلاته. مثلاً، مدن مثل برشلونة ومارسيليا وأثينا لديها بصمة واضحة على نوعية المياه هناك.
العناصر الغذائية:
تلعب الروافد النهرية دورًا حيويًا في تحديث موارد المغذيات في البحر الأبيض المتوسط. تساهم الأنهار بحوالي نصف كمية النيتروجين وثلثي فوسفات البئر وهي عناصر مهمة لصحة النظام البيولوجي الحي. لكن رغم ذلك، فإن التدفق المستمر لهذه المواد قد أدى إلى زيادة مستويات التلوث خاصة وأن معظمها تأتي من منابع الزراعة والصرف الصحي والتحضر والصناعات الأخرى المرتبطة بالساحل الشرقي للبحر.
الغطاء النباتي:
أما بالنسبة للنظام النباتي حول شواطئه، فهو متنوع للغاية يشمل الأشجار المثمرة مثل الزيتون والفستق وكذلك العرعر والأس (الصنوبر). كذلك تشمل المقومات النباتية للشاطئ الأعشاب الطبية مثل الخزامى والشمر والمريمية بالإضافة لنباتات زينة أخرى مثل الحمضيات والبلوط والكوبيه والثاءلوم (شجر نخيل الصحراء). جميع هذه التأثيرات تؤكد وجود نظام بيئي معقد ودقيق داخل حدود البحر الأبيض المتوسط.