تقع بحيرة البرلس في محافظة كفر الشيخ بمصر، وهي واحدة من أهم البحيرات الطبيعية في البلاد، وتعد مصدرًا حيويًا للحياة البحرية والثروات الطبيعية. تمتد البحيرة لمساحة تقدر بنحو 1,275 كيلومتر مربع، مما يجعلها رابع أكبر بحيرة في الدلتا المصرية بعد بحيرة المنزلة، وبحيرة إدكو، وبحيرة مريوط. تعد بحيرة البرلس تحفة فنية طبيعية تتميز بتنوع بيولوجي غني ومجموعة متنوعة من الحياة البحرية والنباتات التي تعكس تاريخ المنطقة وثقافتها الغنية.
تعود جذور اسم "البرلس" إلى العصور الفرعونية القديمة عندما كانت تعرف باسم "بوهديس"، وقد ورد ذكرها أيضًا في التاريخ الإسلامي تحت أسماء مثل "البیرُس" و"بحر البَرس". تشير الروايات التاريخية إلى أنها كانت ميناءً رئيسيًا خلال الفتنة الأولى بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، كما لعبت دورا هاماً في الحروب الصليبية وحكم الأيوبيين والمماليك لاحقا. أما اليوم، فقد أصبحت نقطة جذب للسياحة المحلية والدولية بفضل شواطئها الجميلة وأنشطة الرياضات البحرية المتاحة هناك.
تشكلت بحيرة البرلس نتيجة لتغير المناخ العالمي والحركة التكتونية للأرض عبر الزمن الجيولوجي الطويل؛ إذ انفصلت عن نهر النيل منذ آلاف السنين بسبب تراكم الترسبات الرمادية الناجمة عن الفيضانات السنوية للنهر. هذا الانفصال أدى إلى تكوين نظام بيئي فريد يعيش فيه مجموعة كبيرة ومتنوعة من الكائنات البحرية، بما فيها أنواع مختلفة من الأسماك والسلاحف والشعاب المرجانية الصغيرة. بالإضافة إلى ذلك، توفر هذه المياه ملاذاً للطيور المهاجرة أثناء رحلات هجرتها الموسمية.
تلعب بحيرة البرلس دورًا حاسمًا في الاقتصاد المصري نظرًا لثروتها السمكية الهائلة والتي تعتمد عليها العديد من القرى المجاورة كمصدر رزق أساسي. وعلى الرغم من أهميتها هذه، إلا أنها تواجه تحديات كبيرة مرتبطة بالتلوث والإفراط في الصيد غير القانوني، وهو ما يستوجب تدخل السلطات المعنية لحماية النظام البيئي الهش لهذه البحيرة والحفاظ عليه للأجيال القادمة. وفي الآونة الأخيرة، اتخذت الحكومة خطوات نحو تنفيذ مشروع لإعادة تأهيل وتطوير منطقة بور فؤاد لتحقيق الاستدامة البيئية وتعزيز السياحة الخضراء حول البحيرة.
في نهاية المطاف، تعد بحيرة البرلس أكثر بكثير من مجرد مسطح مائي - فهي رمز للتراث الثقافي للمصريين وللجمال الطبيعي الثمين الذي ينعمون به والذي يستحق الدفاع عنه بكل الوسائل الممكنة.