تعد ظاهرة المد والجزر واحدة من أكثر الظواهر الطبيعية إثارة للدهشة والتأثير في عالمنا البحري. هذه العملية تحدث نتيجة لتأثير الجاذبية المتبادل بين الأرض والقمر والشمس، مما يؤدي إلى ارتفاع وانخفاض مستويات سطح البحر بشكل منتظم. هذا التقلب المستمر للمياه له تأثيرات كبيرة على بيئة الشاطئ وحياته البرية والبحرية.
يُعرّف المد بأنه فترة الارتفاع القصوى لمستوى المياه عند ساحل بحر ما، بينما يشير الجزر إلى الانخفاض الأدنى لهذه المستويات. يمكن أن يختلف توقيت وتيرة المد والجزر بحسب موقع المنطقة الاستوائية أو القطبية بالإضافة إلى شكل الخط الساحلي واتساعه. تُعرف الدورة الكاملة التي تتضمن مرحلتي المد والجزر باسم الساعة المدية والتي تستمر لمدة حوالي اثنتي عشر ساعة واربع وعشرين دقيقة تقريبًا.
تأثير المد والجزر ليس محصوراً فقط بتغييرات مستوى الماء ولكن أيضاً بتقلبات درجة الحرارة والملوحة والمعادن الموجودة داخل مياه البحر. يساعد ذلك على توزيع العناصر الغذائية عبر المناطق المختلفة للساحل وبالتالي دعم النظام البيئي للشاطئ والكائنات البحرية مثل الطحالب والنباتات الأخرى التي تزودها الطاقة الضرورية لنموها وصحتها.
من الناحية البشرية، يلعب المد والجزر دورا أساسياً في العديد من الأنشطة الاقتصادية والثقافية المرتبطة بالأماكن الساحلية. ففي الصيد مثلاً، يستغل الصيادون موسم المد لجذب الأسماك نحو أماكن صيده المعتادة أثناء غزارة كميات الطعام والموارد الغنية بالإشريكية داخله. كما تعد حركة المد والجزر عاملا حاسماً بالنسبة لأعمال بناء المنشآت البحرية والحفاظ عليها، وكذلك عمليات النقل والسفر باستخدام قوارب العبارات وغيرها من وسائل نقل البضائع والأفراد عبر المسطحات المائية المنتظمة بهذا النوع من التغير اليومي.
ختاما، فإن تفهم ديناميكيات المد والجزر أمر حيوي لفهم سلوك الحياة البحرية ودعم مصايد الأسماك وإدارة السياحة ومنع الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والعواصف الرملية خاصة مع ازدياد احتمالية حدوث حالات طقس متطرفة بسبب تغير المناخ العالمي الحالي الذي تساهم فيه زيادة انبعاث ثاني أكسيد الكربون بشكل رئيسى .