تفخر الأراضي الفلسطينية بتنوُّع تضاريسها الطبيعيِّـة المذهلة، والذي بدوره يحمل بين طياته كنوزًا طبيعية فريدة تُشكل جزءًا حيويًّا من تاريخ وثقافة المكان. ضمن منظومة تلك المناظر الخلابة، تأتي بحارتان مميزتان -بينهما فارق شاسع-: "طبريا" و"الحولة". كل منهما تحمل بصمة الماضي ومؤشرات مستقبل مختلف.

بحيرة طبريا: مرآة تاريخ ممتد

تقبع بحيرة طبريا على خط فاصل جغرافي مهم بين سوريا وفلسطين تحت اسم آخر وهو "بحيرة الجليل"، وهي إحدى أشهر معالم المنطقة نظرا لطول سواحلها التي تمتد لمسافة نحو خمسٍ وستين كيلومتر مربع وعرض يقارب الثلاثة عشرة كيلمترا. يشهد العمق هنا اختلافات كبيرة تبدأ بستة أمتار لتبلغ ذروتها عند ست وأربعين مترا . تُرجع تسميتها الحديثة لنسبة لقائد رومان كان قد حكم المنطقة ذات يوم لكن الأصل يرجع للقرون القديمة عندما سماها البعض باسم 'Genezareth'. تشير الوثائق الدينية اليهودية والنصرانية والإسلامية الى دور هام لها خلال القصص الدينية المرتبطة بالأنبياء إلا أنها أيضا موطن للحياة البرية المتنوعة مثل الطيور والسلاحف وغيرها باعتبارها مصدرا رئيسيا للغذاء والمأوى لهؤلاء الحيوانات الصغيرة.

بحيرة الحولة: وجه مخزي للتدمير البيئي

على الجانب الآخر، تعكس بحيرة الحولة حالة مثيرة للخوف بشأن آثار النزاعات البشرية المدمرة. تحدها مناطق سكنية مختلفة بما فيها مدينة صفد الواقعة بالقرب من الحدود الشمالية لفلسطين ولبنان مباشرة وتتميز بموقعها الاستراتيجي القريب لبحيرة الطبريه ولكنه ليس مشابه لها تماما. كانت تعتبر مصدر ثراء بيئيا نظرا لغنى مياهها ولكن ذلك تغير بعد الحرب العالمية الأولى عندما قام المحتلون بإجراء عملية كبرى لتجفيف منبع المياه واستصلاح اراضيه لصناعة المشاريع العقارية والصناعات الزراعية عوضا عنها. لقد أدى الضرر الناجم عنه في النظام الإيكولوجي المحلي بالإضافة إلى عدم الجدوى الاقتصادية لتلك الأعمال لتجعل من الأمور الأكثر حزنا فيما يتعلق بالمستقبل المرعب لعالم مجاور مهدد بالتلويث والتدهور بسبب تصرف بشري غير مسؤول. لذلك فإن المقارنة بين حالتيهما اليوم توضح اختلافا جذريا بين ما هو محفوظ وما هو ضائع لمنطقة واحدة فقط.