تُشكِّل جبال حمرين، الواقعة شمالي شرق العاصمة العراقية بغداد، جزءاً أساسياً من المشهد الجغرافي والسياسي للمنطقة. تمتد هذه السلسلة الجبلية الهامة عبر مسافة تتراوح حول الثلاثمائة كيلومتر تقريباً، بدءاً من محافظة ديالى إلى جانب حدود إيران والكويت، وصولاً إلى مدينة كركوك الشمالية. تضم هذه الجبال مجموعة متنوعة من الميزات الطبيعية والثروات المعدنية التي تعكس تاريخاً طويلاً ومعقداً من الانقسامات والتحديات الأمنية.
يتفاوت ارتفاع جبال حمرين ما بين الفِيهَمِئة والأربعة والأربعين قدماً حتى يصل إلى أعلى نقطة له عند ١٢٠٠ متر فوق سطح البحر، مما يعطيها طابعاً خاصاً تميزها بتنوع الموائل البيئية. هذا الاختلاف يُحدث تنوعاً ملحوظاً في المناخ المحلي؛ فالشتاء بارد جدّاً والصيف شديد الحرْ، لكن الرطوبة فيه تكون معتدلة نسبياً نتيجة وجود أنهار وجداول مياه تشكل شبكة واسعة تربط مناطق عدة داخل وخارج نطاق الجبال نفسها.
إن موقع جبال حمرين الاستراتيجي جعله مركز خلاف سياسي وعسكري منذ عقود مضت. فهو يشكّل بوابة رئيسية لعبور القوى العسكرية نحو جنوب وغرب البلاد، وبالتالي فإن سيطرته كانت محل اهتمام العديد من الدول والجماعات المختلفة. وفي حين أثبتت طبيعة الوعر لهذه المرتفعات صعوبتها أمام أي احتلال مباشر للأراضي، إلا أنها استخدمت أيضاً كوكر موئل للفصائل المنقسمة سياسياً وعسكرياً، بما في ذلك تلك التي نشطة حالياً ضد القوات الحكومية الرسمية.
ومن الناحية الاقتصادية، تتمتع جبال حمرين بوفرة هائلة من موارد الطاقة غير المستغلة فعلياً بكفاءة. فهي تحتضن مكامن نفط ومنتجعات غاز طبيعي مهمة، بالإضافة لكونها أرض زراعية خصبة للغاية. تزدهر الزراعة التقليدية والبستنة هناك بفضل تربة غنية ونظام ري مناسب، مما يجعل المنتجات الزراعية محلية المصدر مرغوبة ومتنوعة نوعيتها. كذلك يساهم تواجد الحيوانات البرية مثل الأغنام والأبقار والماعز في دعم القطاع الخاص بمصدر دخل ثابت نسبيًا رغم تحديات الظروف السياسية والقانونية المتغيرة باستمرار.
وفي النهاية، تكشف قصة جبال حمرين عن مشهد ديناميكي وحساس للتاريخ الاجتماعي والجيوسياسي لمنطقة الشرق الأوسط برمتها - وليس فقط الجانب العراقي منه وحدَه -. إنها ليست مجرد سلسلة جبلية أخرى؛ بل هي مرآة عاكسة لتجمع عوامل مختلفة تعمل سوياً لإحداث تأثير عميق على مستقبل المنطقة بأسرها.