التصحر، وهو التدهور البيئي للأراضي القاحلة وشبه القاحلة بسبب عوامل مختلفة مثل الزراعة غير المستدامة، الرعي الجائر، الجفاف، وتغير المناخ، يمثل تهديداً كبيراً للعالم العربي. تتمتع المنطقة بتاريخ طويل ومزدهر من الزراعة ورعي المواشي، ولكن الأنشطة البشرية المتزايدة أدت إلى إزالة الغابات، واستنزاف التربة الخصبة، مما ساهم بشكل كبير في انتشار التصحر. وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، يعاني ما يقرب من نصف مساحة الأرض الصالحة للزراعة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حالياً من درجات متفاوتة من التصحر.
تتفاقم هذه الظاهرة بسبب العوامل الطبيعية والتغيرات المناخية التي تؤثر على المنطقة. فجفاف الوادي الكبير خلال العقود الأخيرة كان له تأثير عميق على مصادر المياه المحلية وأدى إلى تفاقم مشاكل التصحر في دول مثل العراق وسوريا والأردن. بالإضافة إلى ذلك، تلعب التقنيات الزراعية القديمـة دورًا مهمًا أيضًا؛ إذ غالبًا ما يتم استخدام أساليب تقليدية قديمة وغير فعالة لإدارة موارد الأرض والمياه، والتي تتسبب بدورها في فقدان خصوبة التربة وانتشار الرواسب الصحراوية ("الرمل المتحرك").
من الناحية الاقتصادية، يؤدي التصحر إلى خسارة كبيرة للموارد الطبيعية ويتسبب في هجرة سكانية واسعة النطاق. فالصحراء المتوسعة تُبعد السكان عن مناطق إنتاج الغذاء الرئيسية وتُقلل الدخل الريفي نتيجة لانعدام الأمن الغذائي والقابلية للقسوة مناخيًا. كما يشكل خطرًا محدقًا بحياة العديد من الأنواع البرية والنباتية الموجودة أصلاً في تلك المناطق الحساسة بيئياً. ومن أجل الحد من آثار التصحر وضمان استدامة الأنظمة البيئية والحفاظ عليها، بات باتباع نهج شمولي ضروريًّا يُركز على تنفيذ السياسات الحكومية الفعَّالة وبرامج التدريب المجتمعي واعتماد تكنولوجيات زراعية حديثة تسهم في تعزيز الاستخدام الرشيد لموارد الماء والإنتاج الزراعي الفعال والعادل بين جميع السكان.
ومن المهم جدًّا التركيز على أهمية إعادة التشجير وإصلاح التربة عبر عزل الكربون وتحسين الهيكليات الخلوية للنظم البيئية الملتهكة بسبب الجفاف والجفاف الطويل المدى. هذا يعني أيضاً دعم البحث العلمي والفني لتنمية البنية الأساسية اللازمة لاستعادة بعض وظائف النظام البيئي السابق وخفض معدلات الانبعاث الحراري العالمي المرتبط مباشرة بممارسات الإنسان منذ الثورة الصناعية الأولى حتى اليوم الحالي.
وفي الختام، فإن معالجة قضية التصحر تحتاج لحلول مستدامة متكاملة تشمل جهوداً مشتركة بين القطاعات المختلفة: السياسية والإدارية والعلمية والسكان المحليين ذاتهم الذين هم أكثر الأشخاص تأثراً بتلك المخاطر البيئة الخطيرة . إن تحقيق توازن فعال فيما بين احتياجات الشعوب المعيشيه وحاجتهم للحماية ضد الكوارث الطبيعه أصبح الآن مطلبا أساسا نحو بناء اقتصاد أخضر وصحي يسمح بتنمية مجتمع صحّي وعادل اجتماعيا واقتصاديا وثقافياً أيضا!