البراكين الأولى التي عرفها البشر: تاريخ اكتشاف أول بركان

منذ آلاف السنين، ظل الإنسان يراقب الطبيعة باستغراب ورهبة، محاولاً فهم القوى العجيبة التي تحرك الأرض وتشكل ملامح الكوكب. ومن بين هذه الظواهر المهيبة، ك

منذ آلاف السنين، ظل الإنسان يراقب الطبيعة باستغراب ورهبة، محاولاً فهم القوى العجيبة التي تحرك الأرض وتشكل ملامح الكوكب. ومن بين هذه الظواهر المهيبة، كانت البراكين هي الأكثر إثارة للفضول والتساؤلات. فما هو أول بركان تم رصده؟ وكيف أثرت تلك اللحظة التاريخية على فهمنا للعالم الطبيعي؟

يُعتبر البركان الأشهر والأكثر شهرة عالمياً، جبل فيزوف الإيطالي، أحد أبرز الأمثلة على قوة النار التحت أرضية. ولكن عندما نتعمق أكثر في التاريخ الجيولوجي للإنسانية، نجد أن هناك براكين أخرى سبقت فيزو في ظهورها وألقت الضوء على طبيعة هذه الأحداث المدمرة والمذهلة.

في شرق أفريقيا، تحديداً بالقرب من بحيرة نياسا الحديثة (بحيرة ملاوي حالياً)، يُعتقد أن بركان كيريمبيغي كان واحداً من أوائل البراكين المعروفة لدى الإنسان القديم. يعود عمر هذا البركان إلى ما يقارب الـ 790,000 سنة مضت، مما يشير إلى أنه ربما سجلته بعض الثقافات القديمة مثل النياندرتال أو حتى البشر الحديثون الأوائل. ومع ذلك، فإن الأدلة الدقيقة حول متى ولماذا لاحظوا نشاطه ما زالت غامضة بسبب عدم وجود تسجيلات مكتوبة مباشرة.

وفي أماكن أخرى بالعالم، تشير الروايات والخرائط القديمة إلى انفجارات هائلة عانت منها حضارات قديمة مختلفة. مثال على ذلك، وصف الحضارة اليونانية لإعصار جبلي مشهور وقع في القرن الخامس قبل الميلاد عند سفوح بيرنيكوس (بيرينيه) وإسبارطوس في اليونان نفسها. وقد ارتبط العديد من المؤرخين بهذا الحدث بنشاط بركاني ضخم أدى إلى انبعاث الغباروالرماد بشكل كبير مما عطّل حركة الشمس لفترة مؤقتة وبالتالي خلق ظاهرة مشابهة للأعاصير الشديدة كما تصورها أساطير وحكايات الزمان القديم.

كما لعبت البراكين دوراً محورياً في حيوات الشعوب المتعددة منذ القدم، ليس فقط كمصدر للغضب الطبيعي وإنما أيضا كنظام دعم حيوي للموارد المختلفة مثل التربة الخصبة والتعرض الحرارى الأرضي الذي يمكن استخدامه لتنمية مجتمعات صغيرة قريبة منه. لذلك لم يكن الأمر مجرد الرعب وخوض التجارب معقدة بل أيضاً التعلم والاستخدام المنظم لهذه الظواهر الخارقة للطبيعة -على الرغم من المخاطر المرتبطة بها-.

إن مسيرة البحث حول البراكين ليست إلا شهادة للتطور المستمر للفهم العلمي والعلاقة القائمة بين الانسان وعالمنا الواقعي . فتلك الاكتشافات المبكرة لبدايات الحياة البركانية ساعدتنا بشكل غير مباشر على تطوير فهماً عميقاً لعناصر جيولوجيا الأرض وفهم كيف تعمل دورة المياه والصخور بطرق مذهلة وغير مستوعبة تماما بعد. إنها رحلتنا نحو معرفة العالم واكتشاف عجائبه... والتي بدأت بصوت هدير أحجار نارية مخيفة جداً!


عتبة بن العيد

9 مدونة المشاركات

التعليقات