يعدّ "بحر الظلمات" واحداً من أهم البحيرات المالحة الموجودة في شبه الجزيرة العربية، ويقع تحديداً في منطقة عسير جنوب غرب المملكة العربية السعودية. ويتميز هذا البحر بموقع استراتيجي فريد؛ فهو يشكل جزءاً حيوياً من التقاء عدة تضاريس طبيعية مختلفة، مما جعله محط اهتمام العديد من الدراسات الجغرافية وتاريخ المنطقة كذلك.

تبلغ مساحة بحر الظلمات حوالي 1,290 كيلومتر مربع تقريباً، وهو ينشأ نتيجة تجمع مياه الأمطار التي تجتاح جبال السروات القريبة خلال موسم الشتاء. هذه المياه تتجمع لتكون بحيرة مالحة متوسطة العمق توصف بأنها ظلمة بسبب لون الماء العكر الداكن الناتج عن ارتفاع نسبة المعادن فيه بشكل كبير مقارنة ببقية المسطحات المائية المحيطة بها.

يمثل الموقع الجغرافي لبحر الظلمات حدوداً طبيعية بين صحراء الربع الخالي الخالية تقريباً من الحياة والحقول الخضراء الواقعة إلى الجنوب الغربي مباشرةً والتي تعتمد اعتماداً كبيراً على موارد الهطول المطري الموسمي لإنعاش غاباتها وشجيراتها المتنوعة. كما أنه يساهم في تغذية مجرى وادي بيشة الكبير والمتموضع شرق البحيرة والذي يستنزف معظم تدفقاته سنوياً نحو خليج عدن عبر مضيق باب المندب وبحر العرب المفتوح.

كان لهذه البيئة الطبيعية الفريدة تأثير بارز على تاريخ وعمران المناطق المحيطة بفترة طويلة جداً، إذ كانت مورد أساسي للمياه المعدنية ومصدر هام لوفرة الرعي والصيد للقبائل البدوية والعائلات الريفية المقيمة بالقرب منها منذ القدم حتى وقتنا الحاضر. علاوة على ذلك، فإن وجود مستوطنة حضرية صغيرة تسمى مدينة ظهران الجنوب الحديثة بجوار البحيرة يعد شاهداً على الأهمية الاستيطانية التاريخية لمنطقة الخليج العربي القديمة عامة ومنطقة نجد خاصّة فيما يتعلق بتلك البقعة ذات الطابع الخاص والمتفرد ضمن إقليم عسير المحافظ بشكل عام.

وفي ضوء ما سبق ذكره حول التصنيف الجغرافي والتوزيع السكاني القديم والمعاصر لمحيط منطقة بحر الظلمات، يمكننا التأكد بأن مكانته واضحة وصريحة كتكتونية جيولوجية فريدة بالإضافة لدور ثقافي واقتصادي مهم للغاية لدى سكان تلك المنطقة العزيزة بتاريخها وجغرافياها المشيدة بعناية الوجود الإنساني والأرضي معاً.