تُعدّ حركات مياه المحيطات ظاهرة طبيعية معقدة ومتنوعة، تؤثر بشكل مباشر على المناخ العالمي والنظم البيئية البحرية. هذه الحركة تتضمن مجموعة من العوامل الدقيقة التي تحكم تدفق وتوزيع المياه المالحة عبر المساحات الشاسعة للمحيطات. يمكن تقسيم هذا الحراك إلى عدة عناصر رئيسية تشمل المد والجزر، والتيارات العميقة، والموجات، بالإضافة إلى دور الرياح والدوران الحراري.
تشكل المد والجزر أحد أكثر الظواهر الواضحة وحضورا في حركة المياه بالمحيطات. يحدث ذلك بسبب تأثير جاذبية القمر والشمس على سطح الماء، مما يؤدي إلى ارتفاع وانخفاض مستويات المياه مرتين يومياً تقريباً. تُعتبر قوة الجذب بين الأجسام الفلكية والأرض هي المحرك الرئيسي لهذه العملية الطبيعية.
أما بالنسبة لتدفقات التيارات تحت السطح، فإنها تلعب دوراً محورياً في نقل الطاقة والحرارة حول العالم. تقوم التيارات الباردة بنقل برودة المناطق القطبية نحو خط الاستواء بينما تنقل التيارات الدافئة دفء المناطق الاستوائية نحو القطبين. يُعرف دوران هذه التيارات باسم "الدورة الهيدروجينية"، وهي جزء أساسي من نظام التبريد والتسخين العالمي.
وتأتي الموجات بثلاثة أنواع رئيسية؛ الأمواج الناتجة عن الرياح (الأكثر شيوعا)، وأمواج تسونامي الناجمة عن زلازل كبيرة قرب سواحل المحيطات، وأخيراً أمواج الصدمة التي تحدث نتيجة مرور جسم كبير كسفينة بسرعات عالية فوق سطح الماء. كل نوع له خصائصه الفريدة ولكنه يساهم جميعاً في إثراء الحياة البحرية وحيويتها.
دور آخر مهم يتمثل برؤوس الرياح الغربية الشمالية الشرقية التي تعمل كمحرك أساسي لحركة طبقات الماء المختلفة عمقاً. كما أنه يوجد أيضا دورة حراريّة هامة تسمى "التسخين والاستخلاص" -حيث تستغل أشعة الشمس الأكثر شدة بالقرب من الخط الاستوائي لرفع درجة حرارة الطبقة الأعلى من الماء وبالتالي خلق فرق درجات حرارية ينتج عنه دوران مائي يساعد بدوره في تعزيز العديد من العمليات الأخرى المرتبطة بمياه المحيطات مثل توازن الطحالب الصغيرة والبكتيريا وغيرها الكثير مما يعد أساساً لبقاء شبكة غذائية متكاملة وصحة عامة لجسم الأرض الحيوي المتمثل بشبكة محيطاتها المترابطة.
وفي الختام، تعد دراسة كيفية تحرك مياه المحيطات مجال بحث واسع وملتبس يثير اهتمام العلماء والباحثين لإلقاء الضوء على جوانبه العلمية ومعرفة كيف يشكل هذا التحرك حياة ملايين المخلوقات ويعزز استمرارية النظام الإيكولوجي للأرض.