يُعتبر نهر الأردن واحداً من أهم أنهار الشرق الأوسط وأشهرها، ويحظى بمكانة دينية وروحية كبيرة لدى العديد من الديانات. اسم النهر له جذور تاريخية عميقة تعود إلى آلاف السنين، وقد اكتسب عدة تسميات عبر الزمن، لكن أشهر هذه التسميات هو "نهر العهد".
فيما تشير بعض الروايات التاريخية إلى أن هذا الاسم يعود إلى فترة ما قبل الميلاد عندما كان يعرف بالنهر الملكي بسبب استخدامه كممر رئيسي للإمدادات والتجارة بين المدن القديمة مثل القدس وحمص ودمشق. ومع ذلك، فإن أصل التسمية الأكثر شيوعاً يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالمعتقدات الدينية.
وفقًا للتقاليد اليهودية والمسيحية والإسلامية، يعد نهر الأردن مكانًا مقدسًا شهد أحداث هامة للغاية تتعلق بالعهد الإلهي مع بني إسرائيل. فهو المكان الذي خاض فيه موسى بن عمران فرعون مصر وفقًا للكتاب المقدس، وهو أيضًا الموقع الذي قام فيه يوحنا المعمدان بتعميد يسوع المسيح حسب الكتاب المقدس والقرآن الكريم. لذلك، أصبح هذا النهر رمزًا للعهد بين الله ومؤمني هذه العقائد الثلاث، ومن هنا جاء لقبه "نهر العهد".
كما لعب نهر الأردن دورًا مهمًا خلال تاريخ المنطقة السياسية والعسكرية. فقد اتخذه الصليبيون كحدود جنوبية لمملكتهم أثناء الحروب الصليبية، كما اعتبرته الدولة الإسلامية نقطة حدودية متميزة منذ الفتح الإسلامي للأراضي الفلسطينية عام 636 ميلادي حتى وقت قريب نسبياً.
وفي الوقت الحالي، يمثل نهر الأردن مصدر مياه حيوي لدول عدة في منطقة الشرق الأوسط، بما فيها فلسطين وإسرائيل والأردن وسوريا ولبنان، ولكنه يشكل أيضاً موضوع نزاعات مستمرة حول حقوق الاستخدام والحصص المائية وسط تنافس الدول المتاخمة لباطنه الضيق والتوسعات العمرانية الواقعة بالقرب منه والتي تهدد بيئته الطبيعية بشكل كبير.
وبذلك، يمكن القول إن تسميته المهيبة "نهر العهد"، ليست مجرد مصطلح عابر بل هي انعكاس لتاريخ طويل وغني بالأحداث المرتبطة بالإنسان والدين والثقافة والجغرافيا التي شكلت مساره عبر مئات القرون.