تُعتبر مشكلة ملوحة المياه تحدياً كبيراً يواجه قطاع الزراعة عالمياً، خاصةً مع زيادة الطلب العالمي على الغذاء والتوسع المستمر في استخدام مياه الري. يؤثر مستوى ملح الماء بشكل مباشر على قدرة النباتات على امتصاص العناصر الغذائية الضرورية لنموها وتطورها. هذا التأثير يمكن أن يتسبب في ضعف النمو، انخفاض الإنتاجية، وحتى موت بعض الأنواع الحساسة من المحاصيل. لذلك، من المهم فهم مدى مقاومة أنواع مختلفة من المحاصيل لهذه الظروف المالحة واستكشاف أساليب فعالة لإدارة هذه المشكلات.
فيما يلي نظرة عامة على تأثيرات نسب ملوحة المياه المختلفة على مجموعة متنوعة من المحاصيل الشائعة:
- محاصيل القمح والشعير: تتمتع هذه المحاصيل بمقاومة متوسطة إلى عالية للمياه ذات الملوحة المتدنية (حتى حوالي 2,500 جزء في المليون). ومع ذلك، فإن مستويات أعلى بكثير قد تؤدي إلى تقليل نمو الجذور وانخفاض إنتاجية السنابل.
- الأرز: يحبب الأرز بيئة غنية بالأكسجين وبالتالي فهو ليس حساساً للغاية بالنسبة للتربة المالحة مقارنة ببعض المحاصيل الأخرى. لكن درجات الملح الواطئة إلى المعتدلة (من 2000 إلى 6000 جزء في المليون) قد تتسبب في تعفن جذور النبات وفقدان القدرة على التكاثر اللاحق.
- الخضروات مثل الطماطم والخيار والفلفل: تعتبر جميعها حساسة جداً للملوحة، حتى عند مستويات أقل مما ذكر سابقاً. عادة ما تموت نباتاتها عندما يصل محتوى الأملاح فيها لأكثر من 4000 جزء في المليون خلال فترة حياتها. وهذا يعني أنه ينصح باستخدام مياه قليلة الملوحة لهؤلاء المنتجين.
- أشجار الفاكهة المثمرة: معظم أصناف التفاح والمشمش والأجاص لديها قابلية جيدة للحياة تحت ظروف التربة المالحة طالما أنها ليست شديدة الخطورة. ولكن عند تجاوز حدود معينة - التي يمكن أن تختلف حسب النوع - ستظهر علامات نقص غذائي واضحة وستضعف الصحة العامة للنبات.
لتحسين القدرة البعلية (التحمُّل للظروف القاسية بما فيها الملوحة) لدى النباتات، هناك عدة استراتيجيات يستطيع المزارعين تنفيذها وهي كما يأتي:
* اختيار سلالات أكثر مرونة وملائمة للتكيف مع البيئات المالحة؛
* تطبيق نظام ري حديث يسمح بإعادة تدوير وإعادة استخدام المياه بطريقة ذكية لتقليل كميتها المستخدمة والحفاظ عليها؛
* زراعتها جنباً إلى جنب مع نباتات عشبية تعمل كتغذية طبيعية للأرض وتعزز خصوبتها الطبيعية؛
* إضافة مواد عضوية وخثٍّ إلى الأرض لتحقيق توازن بين عناصر التربة وتحسين بنيتها الفيزيائية وكيميائيتُها بدرجة كبيرة;
* أخيراً وليس آخراً، تزويد التربة بالعناصر المغذية اللازمة بواسطة تصريف جيد للمياه وضمان عدم تراكم أملاح زائدة بها مما يساعد أيضا بتعديل درجة حموضتها إذا لزم الأمر.
بشكل عام، معرفتنا بمسببات ونتائج ملوحة المياه مهمّة جدّا لفهم ودعم صناعة الزراعة الحديثة لأنَّها تساعدنا أيضاً باختيار أفضل التقنيات المناسبة لكل منطقة وزراعته الخاصة بها بهدف تحقيق الاستدامة والإنتاج العالي والمردود الاقتصادي المرتفع بدون إهدار أي موارد طبيعية ثمينة كالماء وغيرها الكثير!