يواجه العالم اليوم تحديات بيئية متزايدة تُهدد النظم البيئية البحرية، وتتصدر هذه التحديات قضية تلوث مياه البحر. يعد هذا الأمر مدعاة للقلق الشديد نظراً لأهمية البحار كمصادر أساسية للغذاء والموارد الطبيعية والدور الحيوي التي تلعبها في تنظيم المناخ العالمي وصحة الإنسان. ويتمثل التلوث البحري في دخول مواد ضارة إلى المياه مما يؤدي إلى عواقب وخيمة على الحياة البحرية والنظم الإيكولوجية المرتبطة بها. تشمل مصادر التلوث الرئيسية تصريفات الصرف الصحي غير المعالجة والصناعات النفطية والحفر العميق والتسربات البترولية ومركبات النقل وغيرها الكثير.
تأثيرات تلوث مياه البحر عديدة ومعقدة للغاية. أولاً، يمكن لهذه المواد الضارة القضاء مباشرة على الأنواع البحرية والقشريات والأسماك والطيور البحرية بسبب الاختناق والإعياء والإجهاد الكيميائي. ثانيًا، تتسبب مستويات عالية من المعادن الثقيلة مثل الزئبق والكادميوم والنحاس في اختلال توازن النظام الغذائي البحري وقد تؤدي حتى إلى تراكم تلك المعادن الخطرة في سلسلة الغذاء البشرية عبر عملية الاستهلاك المتزايد للأطعمة البحرية. بالإضافة لذلك، تعيق كميات كبيرة من الدهون والبلاستيك والمعادن حركة الكائنات الدقيقة والأكسجين داخل الماء وبالتالي تخنق الشعاب المرجانية الحيوية ونباتات الأعشاب البحرية المحورية والتي تعتبر رئةً حقيقية للمحيط إذ تقوم بامتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون بكفاءة مرتفعة مقارنة بالأراضي الخصبة الأخرى.
وفي ظل الوضع الحالي، هناك حاجة ماسة لاتخاذ إجراءات رادعة وجذرية لوقف نزيف تلويث بحارنا. تبدأ الحلول المقترحة بتطبيق قوانين صارمة لمراقبة ومراقبة الانبعاثات الصناعية والسفن التجارية مع التحقق المستمر للتأكد من الامتثال للقواعد البيئية الملزمة عالمياً. ومن الضروري أيضا إعادة استخدام وإعادة تدوير المخلفات بدلاً من صرفها بصورة عشوائية في الجداول والمياه العذبة المؤدية للمحيط. كذلك فإن تبني طرق نقل أكثر صداقة للبيئة واستخدام الطاقة النظيفة يمكن ان يساهم بشكل كبير بخفض الانبعاثات السامة الناجمة عن وسائل المواصلات المختلفة. علاوة علي ذلك، تعد حملات التوعية العامة حول مخاطر التصحر والاستصلاح الزراعي المكثفة عوامل أخرى مهمة لتحفيز المجتمع نحو دور نشط لحماية محيطاته بكل الطرق المثالية المتاحة حالياً وفي المستقبل القريب بإذن الله تعالى.
ختاماً، إن تأمين تنفيذ بروتوكولات فعالة ضد تدهور حالة مياه بحرنا لن يعود بالنفع فقط على الثروات الطبيعية الموجودة بلوحاته بل سيُحدث أيضاً تأثير مباشر بقيمة اقتصادية هائلة لفائدة الاقتصاد العالمي وهذا ما تستلزمه المسؤوليات المشتركة بين كافة دول العالم للحفاظ على الأصول الهامة المتمثلة بمحيطاتها وأحيائها الفريد.
