سبب تسمية قلم الرصاص بهذا الاسم: رحلة تاريخية من الكربون إلى التدوين الحديث

في بداية القرن الثالث عشر، كانت عملية الكتابة بمثابة تحدٍ كبير في أوروبا خلال القرون الوسطى عندما بدأ انتشار التعلم والثقافة. ورغم استخدام الوبر والجف

في بداية القرن الثالث عشر، كانت عملية الكتابة بمثابة تحدٍ كبير في أوروبا خلال القرون الوسطى عندما بدأ انتشار التعلم والثقافة. ورغم استخدام الوبر والجفنة - وهو شكل مبكر للقلم المصنوع من شعرات الحيوانات مثل الجمل - منذ القدم، فقد تطورت هذه الوسيلة التقليدية لتلبية حاجات المجتمع المتغيرة.

جاء التحول الكبير مع اكتشاف مادة كيميائية جديدة والتي ستغيّر وجه عالم الأدوات الكتابية. في العام ١٥٠٠ ميلادي تقريباً، اكتشف عمال المناجم البريطانيون كتلَةَ غرافيت بحجم هائل في منطقة غراي نوتس بمقاطعة كامبريا الانجليزية. أدرك هؤلاء العمّال قريبًا قيمة هذا الفحم غير المعتاد عند استخدامه للأغراض العملية مثل وضع علامات مميزة على الأغنام الخاصة بهم وتمييزها عن قطيع المزارعين الآخرين.

وبينما قام العلماء بتعميق فهمهم لهذه الظاهرة الطبيعية الجديدة، صنفوها ضمن مجموعة المعادن تحت اسم "الرصاص". يأتي هنا جزء من الالتباس التاريخي الذي يحوم حول تسمية "قلم الرصاص"، فكان يشير إليه البعض خطأً باسم المعدن الأكثر ليونة منه والمعروف الآن بأنه نوع من أشكال الكربون يسمى الغرافيت. على الرغم من التصحيحات العلمية لاحقًا بإعادة تصنيف المادة، إلا أنها لم تثبط شعبية وديمومة مصطلح "الرصاص" فيما يتعلق بالأداة المكتبية الشهيرة اليوم.

بدأت الرحلة نحو إنشاء ما نعرفه الآن بقلم الرصاص نتيجة لاستخدام البشر للغرافيت الخام بطرق بسيطة مبتكرة. وجدت التجربة بأن عصاي الغرافيت عرضة للتكسير والتلف بسرعة خلال الاستخدام الاعتيادي للتدوين والرسم. وبالتالي، ابتكرت مجتمعات تلك الحقبة حلولا مؤقتة لحماية هيكل الغرافيت الأساسي بالحاويات المختلفة بما تضم جلود المواشي والخيوط لإعطائه الدعم اللازم وصيانته ضد الضغط الناتج عن النقش والحفر على الورق وغيرها من المواد الناعمة ذات الطبقات المتعددة.

لقد شهد العالم دفعة جوهرية أخرى لتحسين تصميم الأدوات الكتابية حين توصل حرفيو ذلك الوقت لطرق أكثر فعالية وموثوقية للحفاظ على سلامتها ومتانتها عبر عمليات مختلفة كاللحام والعزل الحراري باستخدام مواد طبيعية متاحة وقتها كهشاشة الأشجار مثلاً. واستمر هذا النهج التقليدي لفترة مطوّلة قبل ظهور الاختراق الرئيسي المرتبط بصناعة المستحضرات الكميائية الحديثة.

وفي سلسلة أحداث بارزة تشهد عليها صفحات التاريخ الأوروبي، حققت مدينة تورينو الإيطالية تقدماً تكنولوجياً رائعاً بابتكار قلم رصاص جديد تماما مستوحاه تصميماته الهندسية وأشكاله الجمالية الجميلة للغاية سواء بشكل هندسي دائرة منتظمة أو طولاني منحرف حسب رغبة المستخدم. لكن يبقى سر تبقى رواج وانتشار أقلام الرصاص الإنجليزية المصدر رغم وجود منافسين جدد يرجع أساساً لجودتها الاستثنائية وطرق إنتاجها المنفردة اعتماداً على خامات جبلية فريدة صنعت مجد بلدها وحققوا مكاسب تجارية باهرة أثمرت عنها ثرواتها الطائلة والتي مازالت محفورة على مرآى وعينا الجميع حتى عصرنا الحالي!


مرح الحلبي

27 مدونة المشاركات

التعليقات