التأثيرات الثنائية للتلفزيون: بين المغزى التربوي والإدمان الضار لدى الأطفال

يمثل التلفزيون مصدرًا معلوماتيًا وثقافيًا هامًا للأطفال، ولكنه أيضًا قد يشكل خطراً إذا تم استخدامه بطريقة غير مدروسة. يوفر التلفزيون مجموعة واسعة من ا

يمثل التلفزيون مصدرًا معلوماتيًا وثقافيًا هامًا للأطفال، ولكنه أيضًا قد يشكل خطراً إذا تم استخدامه بطريقة غير مدروسة. يوفر التلفزيون مجموعة واسعة من البرامج التي يمكن أن تعزز التعلم وتوسع الآفاق المعرفية للطفل، خاصة حين يتم اختيار المحتوى التعليمي المناسب والملائم لعمره ونموه العقلي. ومع ذلك، فإن الاستخدام المكثف والتلفزيوني السلبي - أي مشاهدة الحلقات المتتالية بدون رقابة - قد يؤدي إلى عواقب سلبية عديدة.

أولاً، يمكن للتلفزيون أن يساهم بشكل إيجابي في تنمية الطفل عندما يستغل الوالدان هذه الأداة لتوجيه طفلهما نحو محتوى تعليمي مفيد وممتع كالبرامج التعليمية والبرامج الوثائقية. هذا النوع من المشاهدة يحفز فضول الطفولة ويطور مهارات التفكير النقدي والإبداعي لديهم. لكن، إن لم تكن الرقابة موجودة، فقد ينجذب الطفل إلى محتوى غير مناسب مثل العنف، الجنس، والكلام الفاحش، مما قد يزرع أفكارا خاطئة ويمكن أن يؤثر سلباً على قيمه الأخلاقية والسلوكية.

ثانياً، يُعتبر التلفزيون عامل إسهام في إدمان الوقت أمام الشاشة بالنسبة للأطفال. الدراسات الحديثة تشير إلى وجود ارتباط بين زيادة وقت استخدام الشاشات وانخفاض النشاط البدني والاجتماعي، بالإضافة إلى مشاكل النوم واضطرابات الصحة النفسية لدى الشباب الصغار. يميل العديد من الأهل إلى اعتبار التلفزيون بمثابة 'جارسيت' أو مربّي خاص لهم خلال النهار، ما يقود لعدم اكتراث الأهل بالتفاعلات الشخصية مع أبنائهم. هذا النوع من القصور في التواصل والعناية الأمومة والأبوية له آثار طويلة المدى على نمو الطفل الاجتماعي والعاطفي.

وفي المقابل، هناك جانب آخر مهم وهو تأثير التلفزيون على اللغة والثقافة. الأطفال الذين يتعرضون لعروض متنوعة بلغات مختلفة على شاشة التليفزيون غالباً ما يكبرون وهم قادرون على فهم واستيعاب تلك اللغات أكثر ممن لا يتعاملون بها مباشرة. كما أنها تساعدهم على تطوير ثقافتهم العامة وفهم اختلاف الثقافات الأخرى حول العالم.

لتجنب الجانب السلبي لهذه الوسيلة الحديثة، يجب تطبيق أساليب تربوية رشيدة عند استخدامها. فالرقابة والحوار المستمر بين الآباء وأبنائهم بشأن محتوى البرنامج المرئي أمر ضروري جداً لحماية الأطفال وصقل شخصياتهم بتأثير إيجابي بدلاً من سلبي. إن توجيه اهتمام الأطفال نحوه بما يعود بالنفع عليهم وعلى مجتمعهم هو الدور المحوري للعائلة في عصر الاتصال الحالي. وبالتالي، بينما يجسد التلفزيون قوة عظيمة للإرشاد والتعليم، فهو أيضاً بحاجة لمنظور أسرى حكيم لإدارة دوره ضمن حياة الطفل اليومية.


أسماء الطرابلسي

18 مدونة المشاركات

التعليقات