في المجتمع الإنساني عمومًا، وفي الثقافة الإسلامية خصوصًا، يعد الزواج مؤسسة مقدسة ومثمرة لبناء الأسر وتأسيس مجتمع سليم. يشجع الدين الإسلامي بشدة على الزواج باعتباره وسيلة لحماية الرجال والنساء المسلمين من الانحراف الأخلاقي. بناءً على ذلك، فإن أساس الزواج يقوم على المودة، الرحمة والتآزر المتبادلين بين الزوجين. ومع ذلك، هناك حالات قد تتطلب فيها الظروف تفكيرا جديا حول جدوى الاستمرارية الزوجية.
وفقًا للشريعة الإسلامية، عندما يفقد الحب والمودة الأساسيين للحياة الأسرية، ويبدو أن الصعوبات والخلافات ستستمر بلا نهاية، فقد يُعتبر الطلاق طريقة لتخفيف الضغط النفسي والكراهية التي يمكن أن تؤدي إلى عواقب أكثر خطورة مثل ارتكاب المحرمات. وبالتالي، يتم النظر إلى الطلاق كحل ممكن عندما يعود بالنفع والفائدة على كلا الطرفين.
وتتميز مجموعة المواقف التي تُبرر فيها عملية الطلاق بما يلي:
- عندما تصبح الحياة الزوجية مستحيلة بسبب سوء النية وعدم الرضا الواضح من جانب أحد الطرفين أو كليهما؛ سواء كان ذلك نتيجة لنقص الاحترام المتبادل، أو التزامات غير مقبولة ماليًا، أو أي سبب آخر يجعل تحقيق السلام والاستقرار أمرًا مستحيلاً.
- حالة الشكوك والريبة المرضية لدى واحد من الزوجين والتي قد تستنزف الطاقة اللازمة للعيش المشترك بشكل طبيعي. بشرط تواجد أدلة واقعية تدعم تلك الشبهات وليست مجرّد ظنون وخواريف ذهنية.
- خشية الفرد من ارتكاب المحرمات لو واصل حياته مع زوجته غير القادرة على ردعه عنه بسبب نقص الإيمان لديها مثلا. هنا يأذن القانون الديني لرجل يرغب بتوسيع أسرته بإتمام مراسم زفاف جديدة وفق اشتراط قدرته المالية على تحمل مصاريف المنزل الثاني. وهذا بالتأكيد ليس تشجيعا للتعدد وإنما تسامح رحيم تجاه البشر الذين يسقط بهم الخطأ البشري عرضة للغواية الجسدية تحت ضغط الشهوة الغريزية.
كما منح الاسلام أيضا حق المطالبة بفراق الزوجة 'بالخلع' -وهو نوع خاص من الطلاق-. وذلك لمنع النساء من مواجهة مواقف تتسبب لهن بالإثم والمعصية بكل أشكالها المختلفة كالاختلاء بغريب مثلاً. بالإضافة لذلك أكدت الشريعة احترام حرمة الأنثى وحقوقها أثناء فترة غياب زوجها الطويل بدون علم موقعه الحالي لأكثر من سنة كاملة وكذلك خلال مدة عقوباته الحبسية exceeding twelve months أيضًا.
وبالحقيقة فإن الاعتقاد السائد بأن التشريع الإسلامي يجافي قضية تطليق الزوجات هي وجهة نظر خاطئة تماماً نظرا للعدد الكبير من الشروط الملطفة المقيدة لهذه العملية ضمن برنامجه التدبيري للإدارة الاجتماعية داخل المنظومة الكبرى للأوامر الربانية المعلنة عبر رسالة الرسالة محمد صلى الله عليه وسلم وقرآن الكريم المجيد المصدر الجامع لكل النصوص المؤطرة لسلوكية المسلم المثالية والسامية .