اسم "كندة"، رغم بساطته ظاهرياً، يحمل بين طياته عمقاً وأصالة تعود جذوره إلى العصور القديمة. يُعد هذا الاسم واحداً من أسماء القبائل العربية المعروفة التي كانت لها مكانتها البارزة في التاريخ العربي القديم. وفقاً للمصادر التاريخية، يعود أصل تسمية قبيلة كندة إلى الجد الأعلى للقبيلة وهو كندة بن عمرو بن عامر ماء السماء، والذي ينتمي بدوره إلى نسل نزار ابن معدّ.
تشير بعض الروايات التاريخية إلى أن لفظ "كندة" قد اشتُق من الكلمة الآرامية "كنعذو"، والتي تعني "البنيون". ويقال إن ذلك يعكس لون بشرة أفراد هذه القبيلة الذين كانوا يتمتعون بلون جلدي بني داكن نسبياً مقارنة بمحيطهم الجغرافي آنذاك. ولكن يبقى التفسير الدقيق لأصول الاسم محل نقاش بين المؤرخين وعلماء اللغة.
تأسست دولة كندة كوحدة سياسية قوية مدتها حوالي ثلاثة قرون خلال فترة ما قبل الإسلام وبعدها لفترة قصيرة. اشتهرت المملكة kindite بما تمتلكه من قوة اقتصادية وعسكرية، فضلاً عن التسامح الديني والثقافي النسبي الذي اتسمت به عهداتها الحاكمة المتلاحقة تحت حكم الأمراء الهاشميين الخزرجيين الذين سادوا المنطقة منذ القرن الرابع الميلادي حتى نهاية الدولة الفارسية الصفارية في القرن الثامن ميلادياً تقريباً.
كان مركز نفوذ وثقل تلك الدولة يقع حول منطقة اليمامة وسط الجزيرة العربية حاليًا، وعلى الرغم من أن أراضيها امتدت لتشمل مناطق واسعة تشمل الآن جنوب العراق والشام ومناطق أخرى مجاورة، إلا أنها فقدت الكثير مما اكتسبته أثناء الحملات الإسلامية الفتاكة ضد البيزنطيين ورد فعل الفرس ضدهم لاحقاً، حتى اختفت نهائيا عقب الغزو الأموي للعراق بعد فتح دمشق سنة 661 ميلادية.
بالإضافة لقيمة الاسم التاريخية، له أيضاً مكانة خاصة عند العرب باعتباره أحد أهم الأسماء التقليدية المستعملة للأولاد الذكور ضمن الثقافة والعادات الاجتماعية العربية التقليدية. يتميز حامل هذا الاسم بتنوع صفاته الشخصية فهو يشابه القدرة على الإنجاز والكرم والحكمة ورغم أنه مهيب الجانب ولكنه أيضًا متفتح القلب وحنون وحساس للغاية تجاه الآخرين. أخيرا وليس آخرا فإن الأثر الأكبر لاسمه هو قدرته على ربط المرء بتاريخ أبيه وجده ومعرفة المزيد حول تراثه العريق ودينه الواضح وبالتالي توسيع فهمه لعلاقته الخاصة بالأرض والأحداث والأفكار التي نشأت فيها حضارتنا القومية العريقة ذات يوم.
