خجولة ولكنها قوية: فهم أسباب الخجل لدى الأطفال وأساليب دعم النموذجي

التعليقات · 0 مشاهدات

يعدّ شعور الطفل بالخجل ظاهرة طبيعية ومرتبطة بتطور الشخصية الاجتماعية لدى الأطفال خلال مرحلة الطفولة المبكرة. يمكن أن يظهر هذا الشعور بعدة أشكال مثل ال

يعدّ شعور الطفل بالخجل ظاهرة طبيعية ومرتبطة بتطور الشخصية الاجتماعية لدى الأطفال خلال مرحلة الطفولة المبكرة. يمكن أن يظهر هذا الشعور بعدة أشكال مثل التردد في الانفتاح أمام الغرباء، الصعوبة في تكوين صداقات جديدة، أو حتى تجنب الأنشطة الجماعية. هناك العديد من العوامل التي تساهم في ظهور الخجل لدى الأطفال والتي تتضمن جوانب بيولوجية ونفسية واجتماعية.

من الناحية البيولوجية، قد يعاني بعض الأطفال من زيادة الحساسية تجاه المواقف الاجتماعية الجديدة بسبب تركيبة الدماغ الخاصة بهم. هذه التفاعلات المتزايدة مع محيطهم تؤدي إلى إطلاق هرمون الإستروجين الذي ينظم الاستجابة للتوتر الاجتماعي ويؤثر بشكل مباشر على مستوى الثقة بالنفس لدى الطفل. بالإضافة إلى ذلك، قد تلعب الهرمونات الأخرى دورًا هامًّا أيضًا؛ فارتفاع مستويات الكورتيزول -الذي يعرف بـ "هرمون الضغط"- نتيجة للتعرض لمواقف عصيبة وشائكة، يمكن أن يؤدي إلى زيادة مشاعر القلق والخوف وبالتالي شعور الطفل بالخجل.

في الجانب النفسي، يلعب السياق الأسري دوراً كبيرًا في تشكيل شخصية الطفل وتوجيه تصرفاته وسلوكياته. الاستجابات العنيفة أو غير المؤقتة لأخطاء الطفل ومشاكله الصغيرة يمكن أن تخلق حالة دائمة من عدم الراحة والتردد لديه مما يساهم في فرط حذر واستعداد لتجنب المواقف المحتملة للإحراج والإحباط. كما يُعتبر عدم وجود نماذج يحتذى بها داخل الأسرة ممن يتمتعون بشخصيات اجتماعية متزنة أحد أهم العوامل المساهمة في انعدام ثقته بنفسه وخجله الزائد.

على المستوى الاجتماعي، تعد التجارب الأولى للأطفال خارج المنزل عاملاً مؤثراً للغاية في تحديد مدى قدرتهم على التعامل بإيجابية مع الآخرين لاحقاً. إذا كانت المدرسة أو روضة الأطفال مليئة بالتحديات والتقلبات النفسية بدلاً من كونها مكاناً آمناً وداعماً لهم، ربما يشعر هؤلاء بالأمان أكثر عندما يحافظون على مسافة بينهم وبين زملاء الدراسة والمعلمين. علاوة على ذلك، فقد يستشعر الأطفال المنافسة الشديدة والحكم الذاتي السلبي من قبل رفقاء اللعب وهو أمر سيولد لديهم الرغبة الجامحة لحماية الذات عبر تقليل التفاعل والمشاركة الفعالة.

إن إدراك هذه العوامل ومعالجتها بحكمة ضروري لتحقيق نمو صحي وإيجابي بالنسبة لهؤلاء الأفراد الخجولين بطبيعتهم منذ الولادة. أول خطوات العلاج تكمن فيما يلي:

1- تقديم تعزيزات إيجابية واحتضان النقاط القليلة تقدمًا مهما كان صغيرًا: إن التشجيع المنتظم والكثير من التحقق من الحقائق حول القدرات المكتسبة حديثا ستجعل طفلك يشعر بأنه قادر ومتقبل للعالم الخارجي.

2- خلق فرص للتواصل الآمن والثابت: تأمين موطئ حيادي معتدل للمخاطر يسمح لطفلك باستكشاف حدوده الخاصة بما فيها تلك المرتبطة بالآخرين دون فرض أي ضغط زائد عليه سيسهل عليه بناء ثبات داخلي وعلاقات صحية قريبة مصونة.

3– ممارسة المهارات الاجتماعية جنباً إلى جنب معه تحت توجيهك المباشر: تدريب بسيط ولطف خاص بك لاستخدام اللغة التواصل والاستماع وغيرها سوف يساعدان على ترسيخ مفاهيم أساسية حول كيفية التنقل ضمن شبكة علاقات اجتماعية منطقية ومنظمة وحسنة الظن دائمًا.

4- تحويل الطاقة اللازمة للاكتفاء ذاتيًا نحو وسائل إنتاج أخرى مبتكرة وجاذبية: تنويع اهتمامات طفل خجول باستخدام تمارين رياضية مثيرة وورش عمل متنوعة سيكون لها بلا شك تأثير رائع مضاعفين على نموه الداخلي والخارجي المشترك عموما.

5- دمج صور مرئية وتجارب حسية ممتعة أثناء عملية التعليم: أسلوب جذّاب مبني أساساً على الصورة والصوت والنغم سيرفع نسبة التركيز والبقاء ملتزم بالحاضر الأمر الذي يعد مفتاح نجاح كل فرد لعيش حياة كاملة وفاضحة بدون عقد نفسية مخفية!

وفي النهاية فإن الاعتراف بأن شريك حياتنا الصغير مختلف وأن ثقته لن ترتقي إلا بالتدرج المطرد هو المفتاح الأساسي لإرشاده نحو عالم البشر البهيء بكل رحابه واسعه الملآى بمختلف انواع الأشخاص ذوي الطبائع المختلفة المنوعة فالهدف إذن ليس تغيير شخصيته بل تطوير مواهبمه وقدراته وقدراته الاجتماعية للوصول لشكل توازن يكسب قلبه راحه وطمأنينة وصفا واضحا لكل مايحاط به !!

التعليقات