الفيولا، والمعروفة أيضًا باسم "الكونتراباسو"، هي إحدى الآلات الوترية الأكثر تعقيدًا وروعة في عائلة كمان العود. تنتمي إلى مجموعة الأوتار ذات القوس، وهي تشبه الكمان ولكنه أكبر حجماً ويصدر صوتاً أكثر عمقاً. يتميز الفيولا بصوت غني وممتلئ يمتزج بين النغمات المتوسطة المنخفضة والعالية. هذا التميّز الصوتي جعله جزءاً أساسياً في العديد من التشكيلات الموسيقية التقليدية المعاصرة.
التاريخ والتطور: يعود أصل الفيولا إلى القرن السادس عشر عندما قام حرفيون إيطاليون بتطوير تصميم جديد لآلة موسيقية يمكن أن تلعب دور الوسيط بين أصوات الباس والأصوات الحادة للكمان. كانت هذه الفترة زمن النموذجين الأوائل للأداء الموسيقي -الأوركسترا والمجموعات الصغيرة-. أدى ذلك لتوليد طلب متزايد لأداة تستطيع سد الفجوة بينهما. سرعان ما اكتسب الفيولا شعبية كبيرة خاصة بعدما بدأ مؤلفين مشهورين مثل يوهان سيباستيان باخ وجوزيف هايدن وولفغانغ أماديوس موزارت باستخدام الفيولا كميزة أساسية في أعمالهم الغنية والمتعددة الطبقات.
يتكوّن جسم الفيولا من صندوق رنان مصنوع خشبي عالي الجودة والذي يحمل طبقة سميكة من الصنوبر الأحمر تحت قسم الرأس المصنوع بشكل مماثل لكمان ولكن بحجم أكبر بكثير. يُغطي الجزء الخارجي قشرة خشبية ناعمة تساعد بدورها على زيادة صدى الذبذبات داخل الجسم الرئيسي. بالإضافة لذلك فإن طول رقبة الفيولا أقصر نسبياً مقارنة بطول رقبة الكمان وبالتالي يحتاج اللاعب لاستخدام قوس أثقل قليلاً لإنتاج نفس مستوى الضغط أثناء اللعب . كما أنها تحتوي على أربعة أوتار بدلا من ثلاثة كالكمان، مع وجود خيار استخدام خمسة أوتار لدى بعض أنواع الفيولا الحديثة وذلك اعتمادا على احتياجات المؤلف الموسيقي الخاص بكل قطعة موسيقية محددة.
في البيئة الأوركسترالية، يلعب الفيولا دوراً حيوياً حيث يقوم بإضافة دعامات لحنية مهمة توفر الدعم اللازم للنغمات الأخرى عبر الانضمام لها سواء لفترة قصيرة أو طويلة حسب طبيعة القطعة. وفي حين أنه قد يبدو في البداية وكأنه مجرد نسخة مُبالغ فيها من الكمان إلا انه يكشف بسرعة شديدة عن خصائصه الفريدة عند الاستماع إليه مباشرة خلال العروض الحقيقية والتي تسمح له بالتألق بمجاله الخاص واستحقاق مكانته ضمن مجموعة الآلات الرفيعة المستوى تلك التي تشكل هيكل الفرقة الأوركسترالية كاملةً. بغض النظر عن السياق الفني المستخدم فيه، إن حبكة التعقيد الثقيلة خلف كل نغمة صادرة عنه تؤكد حقائق التاريخ بأنه ليس أقل شأنا بل إنه إضافة مميزة لكل عمل يستخدم فيه مهاراته الخاصة الرائعة!
