الملحن والمغني اللبناني الكبير ملحم بركات يعتبر واحداً من أهم الشخصيات المؤثرة في تاريخ الموسيقى الشرقية، خاصةً في لبنان والعالم العربي. ولد بركات في الرابع من أبريل عام ١٩٤٢ في قرية كفر شيما شمال لبنان. نشأ وسط بيئة موسيقية متخصصة، تأثر بشدة بصوت أسطورة الطرب المصري محمد عبد الوهاب، مما شكل جذوره المبكرة في عالم الموسيقى.
ظهرت موهبة ملحم مبكراً، حيث بدأ بالتعبير عنها عبر تلحينه لكلماتٍ من مجلة مدرسية وغنائه لها أمام زملائه والمعلمين، ما لاقى استحسان الجميع ودفع بهم لاستكمال رحلته في مجال الموسيقى. انضم لاحقاً إلى مسرح "الرحبانية" الموسيقي الرائد آنذاك، ليصبح مغني كورال بارز ويعرض موهبته الواعدة.
اشتهر ملحم بركات بأسلوبه الفريد وطريقته الجريئة في الأداء والتعبير عما يجول بخاطره من أفكار سياسية واجتماعية واضحة المعالم، خاصة فيما يتعلق بحبه لوطنه لبنان ووحدته القومية. حققت أغانيه مثل "على بابي واقف قمرين"، "سلم عليها"، و "بدك مليون سنة" انتشاراً واسعاً داخل وخارج حدود الوطن الأم.
إلى جانب مواهبه كمغني وملحن، شارك أيضًا في عدة أعمال تمثيلية سينمائية ومسرحية، تعاون فيها مع نخبة من الفنانين العرب البارزين كالراحلين صباح وفؤاد المهندس والشابة آنذاك دانا باستراس. كما ترك بصمة مؤثرة لدى العديد من عمالقة الفن منهم فيروز، ووديع الصافي، وماجدة الرومي ممن لحن لهم عدة أغنيات خالدة ما تزال تقاوم الزمن حتى اليوم.
امتدت رحلات بركات الحافلة بجولات فنية حول العالم بدءًا بدول الخليج مروراً بسوريا والأردن وانتهاءً بالقارة الأوروبية وآسيا الوسطى وأستراليا وحتى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وجنوب أمريكا. رغم كل تلك النجاحات والإنجازات العديدة، فقد فارق الحياة غمض عينيه يوم ٢٨ أكتوبر عام ٢٠١٦ متأثراً بأمراض عضال قضمت جسمه الهزيل لكن روحه الجميلة ظلت راسخة ثابتة مرفوعة بالأماني والحياة بكل جمالها وروعتها.
