يُعدّ سيد النقشبندي أحد أشهر المنشدين المصريين الذين تركوا بصمة واضحة ومميزة في عالم الفن الإسلامي الحديث. ولد عام ١٩٦١ في قرية كفر سعد التابعة لمركز طوخ بمحافظة القليوبية بمصر، وترعرع وسط أسرة ذات خلفية دينية غنية. منذ طفولته المبكرة، أثبت "النقشبندي" موهبته الفذة في مجال الغناء الديني والشعر الروحاني، مما مهد الطريق له ليصبح رمزاً بارزاً لهذه النوعية الفنية الرفيعة.
تتميز رحلة حياة الفنان الكبير بتنوع ألوانه الإبداعية وإخلاصه المتواصل للشأن الثقافي والديني. بدأ مشواره مبكراً جداً، حيث ساهم مع أخيه الأكبر محمد النقشبندي في تشكيل فرقة "النقشبندية"، والتي كانت نواة لتأسيس مدرسة جديدة من مدارس الغناء الصوفي التي تعتمد بشكل أساس على القصائد والموالد القديمة وتمتزج بها العناصر الموسيقية الحديثة. وقد برع سيد النقشبندي خلال هذه الفترة في نظم وتلحين العديد من الأناشيد والأعمال المرتبطة بالسيرة الذاتية للرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام، مستلهماً بذلك روحانيات التصوف الإسلامي الأصيل.
على الرغم من نجاحاته المحلية الواسعة داخل مصر وخارجها أيضاً، اختار السيد عبد الرحمن عبد العزيز حسن - الاسم الحقيقي لسيد النقشبندي- الانزواء نسبياً عن دائرة الضوء الإعلامي بعد سنوات طويلة قضاها تحت وهج الشهرة. ومع ذلك، ظل تأثيره حاضراً عبر أعمالٍ خلّدتها ذاكرة جمهوره العريض حتى اليوم. ومن أبرز مؤلفاته الشعرية الشهيرة قصيدة "يا رب" و"يا نور قلبي"، بالإضافة إلى مجموعة كبيرة ومتنوعة تتضمن أكثر من خمسمائة عمل آخر بين الأشعار والأناشيد والمقطوعات الصوتية المختلفة.
إن مساهمة سيد النقشبندي في تنمية المشهد الفني العربي ليست فقط في مجاله الخاص للغناء الروحي؛ بل امتدت أيضا لإثراء الحياة الاجتماعية المصرية والإسلامية عموماً بالتزامن مع دعمه المستدام للقضايا الخيرية والعمل التطوعي. وبذلك يستحق مكانة مرموقة ضمن قائمة رواد التنوير والفكر الحر المؤثرين الذين عبروا حدود الزمان والمكان برسائل السلام والتسامح والحب الإنساني الخالص. إن ذكرى سيرته وتراثه الفكري تبقى مصدر إلهام لكل مقلده وزائره ممن يرغبون بنشر رسالة المحبة والخير ونبل الأخلاق الحميدة لدى الجماهير بشكل خاص والنخب المثقفة عامة.