هيفاء واصف: رحلة حياة وموهبة في الفن السوري

ولدت الفنانة هيفاء مصطفى واصف جلميران في الخامس عشر من يناير عام 1946 في مدينة دمشق بسوريا. تنحدر من عائلة فنية بارزة؛ فهي الأخت الوسطى بين أخواتها ال

ولدت الفنانة هيفاء مصطفى واصف جلميران في الخامس عشر من يناير عام 1946 في مدينة دمشق بسوريا. تنحدر من عائلة فنية بارزة؛ فهي الأخت الوسطى بين أخواتها الثلاث الشهيرة بموهبتهن الفنية الواضحة. تعود جذور والدتها إلى منطقة كردستان العراقية، مما ساهم في تشكيل خلفية ثقافية مميزة لتكوين هويتها الفنية.

تأثرت هيفاء بشكل كبير بأختيْها الأكبر والأصغر المحترفتين في مجال التمثيل -منى وغادة واصف-. وقد حثّتها هذه البيئة الإبداعية المبكرة على دخول عالم الفن بنفسها، حتى قبل بلوغ معظم الفتيات مرحلة المراهقة. انطلاقتها الفعلية جاءت عبر المرحلة المسرحية حيث أدوار صغيرة لكن مؤثرة لم تتوقف عند حدودها المسرحية فقط. فقد استمرت مشاريعها الفنية المتنوعة بما يشمل العمل ضمن فرق مسرحية تابعة للجيش العربي، والتي شهدت عرض أول عمل لها وهو "العطر الأخضر".

ثم انتقلت هيفاء لاحقا نحو الشاشة الصغيرة عندما ظهر البث التلفزيوني لأول مرة في ستينيات القرن الماضي. وكان مسلسل "ساعي البريد"، الذي تم عرضه عام ١٩٦٣، الخطوة الأولى لهيفاء واصف نحو تحقيق شهرة واسعة النطاق وتطور مهاراتها كممثلة متميزة. وعلى الرغم من اعتزالها مؤقت للتركيز على حياتها الأسرية بعد زواجها وإنجابها ثلاث بنات (إحدىهن أيضًا ممثلة)، إلا أنها سرعان ما عادت بشغف أكبر لإثراء المشهد الثقافي والفنون المرئية بالسوري وذلك خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين وما بعدهما بكثيرٍ من التجارب الناجحة سواء وحدها أو إلى جانب زملائها المؤثرين الآخرين مثل زوجها السابق، الممثل الكبير السوداني الأصل محمود جبر.

ومن الأدوار الرئيسية التي اكتسبتها شعبية كبيرة خلال تلك الفترة دور أمينة الخولي في مسلسل "الدغري"، إضافة لقريب منها نوعاً ما وهو دور أم نور الدين بدرخان في إحدى أكثر المسلسلات شيوعاً وهي "أيام شامية". ولا يمكن تجاهل أيضا تأثير مشاركاتها المستمرة في إنتاجات متعددة لمسلسل شهير آخر اسمه "ليالي الصالحية". كذلك حققت أفلام سينمائية مهمة مثل فيلمَي "عرس التحدي" و"أحلام في الهواء" بعض النجاحات الجديرة بالملاحظة ولكن تبقى معظم تركيزاتها طوال تاريخها المهني قد اتجهت نحو الأعمال المنتجة خصيصا للعروض التليفزيونية والتراتيب المسرحية ذات الطابع المحلي والقومي. إن مسيرتها الاستثنائية ملؤها الحب والإخلاص لهذه الأرض المباركة وسكانها الواسع الآفاق بلا شك وستكون مصدر إلهام لكل جيل جديد يتمتع بحب الفنون الجميلة ويقدر المضمون الاجتماعي والثقافي الخلاق ذاته الذي ساعد هيفاء واصف بإعلان حضور دائم ومعروف جدا لعقدين من الزمن تقريبًا!


ريما بن ساسي

14 مدونة المشاركات

التعليقات