تُعتبر هديل عويس واحدة من الأدباء والقلميات البارزات في الساحة الأدبية والثقافية السورية والعربية. ككاتبة وصحفية مُثابرة، تمكنت هديل بخطوطها الحريرية وأقلامها الفنية من رسم صورة حقيقية لما تعانيه النساء السوريّات تحت ظروف الحرب والاضطراب السياسي المستمر منذ بداية الأزمة عام ٢٠١١.
ولدت هديل عويس في دمشق عام ١٩٧٥، وتلقّت تعليمها الجامعي هناك أيضًا؛ حيث حصلت على درجة البكالوريوس في الآداب قسم اللغة الإنجليزية وآدابها من جامعة دمشق. لم يكن طريقها نحو النجاح سهلاً، فقد واجهت تحديات عديدة بسبب كونها امرأة تسعى لإحراز تقدم في مجالات كانت غالبًا ما يهيمن عليها الذكور. ومع ذلك، فإن شغفها بالقلم وحبها للكتابة قد دفعاها لتخطي هذه العقبات والتقدم بمكانتها كرائدة أدبية مميزة.
بدأت مسيرتها العملية كاتبة ومحررة صحفية لدى صحيفة "الوطن" السورية المحلية الشهيرة قبل أن تنضم إلى شبكة الجزيرة الإعلامية كمراسلة متخصصة للشأن العربي والدولي. انعكس هذا الخلفية الصحفية الواسعة لموهبتها الكتابية بشكل واضح عبر أعمال روائية ودراسات بحثية عدة تناولت قضايا اجتماعية ووطنية حساسة بطريقة جريئة وفلسفية عميقة.
في روايتها الأولى والأشهر "الغيمة البيضاء"، والتي نالت عنها جائزة كتارا للقصة القصيرة عام ٢٠٢٢، تستعرض هديل تجارب نساء سوريين عاشوا مخاض الثورة المضطرب لأكثر من عقدٍ مضى بتفاصيل واقعية مؤثرة تُعيد بناء المشهد الداخلي لقلوب هؤلاء البشر الذين شهدوا أسوأ حالات العنف الإنساني المعاصر. تعتبر تلك الرواية مرآة صادقة للحياة اليومية التي يعيشونها داخل وطن مزقته الصراعات المختلفة.
كما سلطت الضوء بإبداعات أخرى مثل كتاباتها الشعرية المنشورة ضمن مجموعتين شعريتين حملتا اسمَيْ "الأرض لا تبكي وحدها" و"مديح للنهر". وفي عمل آخر لها يحمل عنوان "ذكرياتي مع سوريا"، تكشف فيه ذكرياته الخاصة حول بلد أحبته رغم كل شيء وقدمت له الكثير خلال محنتيه الراهنة والسابقة أيضاً. إنها بذلك تضيف بصمة شخصية فريدة لعطاءاتها الثقافية والفكرية المتعددة المواقع والموضوعات مما يكسبها مكانة بارزة ليس فقط باعتبارها موهبة أدبيّة مرموقة ولكن أيضا كنموذج يحتذى به للمرأة الشاعرة المفكرة المُلهِمة .
إن رحلة حياة هديل عويس هي شاهد حي لقوة التحمل والإصرار عند مواجهة المصاعب الجسام، وهي رسالة حب بلا حدود تجاه الوطن الأم مهما طال الزمان واستمرت الآلام.