المدرسة السريالية: رحلة إلى عالم الأحلام واللاوعي الفني

تُعدّ المدرسة السريالية واحدة من أهم الحركات الفنية التي ظهرت خلال القرن العشرين، والتي أثرت بشكل كبير في تاريخ الفن الحديث والمعاصر. نشأت هذه الحركة

تُعدّ المدرسة السريالية واحدة من أهم الحركات الفنية التي ظهرت خلال القرن العشرين، والتي أثرت بشكل كبير في تاريخ الفن الحديث والمعاصر. نشأت هذه الحركة كمحاولة لتحدي القواعد التقليدية للفن، وللتعبير عن اللاوعي البشري بطريقة مبتكرة ومبتكرة. يرجع جذور هذا الاتجاه الفني إلى كتابات فرويد الخاصة بفكرة "اللاوعي" واستكشافها لأبعاد الشخصية الإنسانية الغامضة وغير المرئية للعقل الواعي.

في عام 1924، أسس أندريه بريتون مجموعة سريالية بهدف نشر أفكارهم حول العالم الحر غير المقيد بالقوانين الاجتماعية والأعراف الثقافية الراسخة. كان تركيز الفنانين السورياليين ينصب على استكشاف الجانب الخافي للمعنى والكشف عنه عبر وسائل مختلفة مثل الرسم والنحت والتصوير الفوتوغرافي وحتى الشعر والموسيقى. وقد اعتمدوا تقنيات فريدة للتعبير عنها، منها الطلاء التلقائي والسريان المجرد والتلاعب بالأشكال الهندسية.

استلهم فناني المدرسة السريالية كثيرا من أحلامهم وأوهامهم النفسية لإنشاء أعمال فنية تبدو غريبة ومثيرة وغرائبية في كثير من الأحيان ولكنها تحمل رسائل فلسفية عميقة ودلالات اجتماعية وجدانية قوية. فعلى سبيل المثال، كان بول إلكار مهتما بتحويل الأشياء اليومية إلى أشكال مبالغ فيها وكابوسية، بينما انكبّ سالفادور دالي على رسم لوحات ذات طابع خيالي متقن التفاصيل ومترامية الأطراف تشبه المشاهد السينمائية أكثر من كونها أعمالاً تشكيلية تقليدية. أما رفائيل كامفينا فقد اختار تصوير موضوعاته الإنسانية بنظرة واقعية مقلوبة رأسا على عقب!

كما ركزت الأعمال الفنية السريالية أيضًا على نقد الواقع الاجتماعي والسياسة السياسية آنذاك؛ فهي ليست مجرد تجريد بصري بل هي تعبير سياسي وفلسفي أيضاً. ومن الأمثلة المعروفة لهذه الجهة هو عمل "الأمير الصغير" لآرثر رابيو الذي يمثل استعارة لإصلاح المجتمع والدولة المستبدة. بالإضافة لذلك، امتزجت لدى بعض الرسامين الأفكار الرومانسية مع النزعات التجريدية مما أدى إلى ظهور اتجاه فرعي عرف باسم "التجريد السريالي".

بشكل عام، تعددت طرق سرد القصص داخل نطاق المدرسة الفنية تلك وتعددت أيضا المواضيع الدلالية المحورية التي تناولتها المنظومة الإبداعية للسورياليين لكن تبقى الوحدة المركزية تتمثل في هدف واحد وهو تحرير الذات البشرية وخوض مغامرات روحية وجسدية بلا حدود ولا قيود. إن التأثير الكبير للمدرسة السريالية واضح حتى يومنا الحالي سواء من خلال تأثيراتها الواضحة على حركات مشابهه لاحقة كتعبيرية جديدة وسوبر ريالية أم بسبب جاذبيتها الاستثنائية والتي جعلت منها حركة نابضة بالحياة وثابتة بحماس دائم رغم مرور وقت طويل منذ تأسيسها الرسمي.


سارة بن عزوز

30 مدونة المشاركات

التعليقات