الفن القديم الحديث - يُطلق عليه "الفسيفساء" - هو مزيج فريد بين الزخرفة الهندسية والفنية العالية. إنها تقنية بدأت منذ القدم وانتشرت عبر حضارات مختلفة، ولا تزال حتى اليوم تستخدم كمصدر إلهام للفنون الحديثة. يتمثل جوهر هذه التقنية في ترتيب قطع صغيرة الحجم ومتنوعة الأشكال والألوان بحيث تشكل صورة أو تصميم كليًا جميلًا وأنيقًا. تُستخدم مجموعة متنوعة من المواد المتاحة أمام الفنان بما فيها الحجر الطبيعي كالجرانيت والرخام، والبلاط المصقول المصنوع من السيراميك أو الزجاج، بالإضافة إلى القرميد والأصداف البحرية والمعادن الذائبة.
تعكس عملية إنشاء الفسيفساء دقة حرفية عالية وشغفًا فنيًا عميقًا. تبدأ العملية بتخطيط التصميم المرغوب فيه ثم اختيار القطع المناسبة بناءً على اللون والشكل والملمس. بعد ذلك يأتي دور المهارة اليدوية في تركيب تلك القطع بطريقة منظمة ومنسجمة لتكوين الصورة العامة. قد يستعين الفنان أيضًا بمادة رابطة مثل الغراء أو الهاون لمساعدة تثبيت كل قطعة مكانها بشكل آمن ودائم.
على مستوى عالمي، تحتفظ فلسطين بتاريخ ثري في مجال الفسيفساء، حيث تعدّ مدينة أريحا موطن لأحد أهم أعمالها؛ وهو عبارة عن لوحة فسيفساء مذهلة تغطي أكثر من 825 مترًا مربعًا داخل مجمع خليفتي أموي شهير يُعرف بحمامات خشام بن عبدالملك. تصور هذه التحفة الفنية مشهد حياة مزدوجة: السلام والحرب، ويُعتبر رمز حي لمواجهة الإنسان المستمرة مع تحديات وجوده ومعنى حياته. تتضمن التفاصيل الموجودة ضمن اللوحة عناصر طبيعية ساحرة كالغزلان والعشب وكذلك اقتباسات من الثقافة الإسلامية مما يجسد التطور التاريخي لهذه المدينة القديمة وجاذبيتها الفنية الاستثنائية.
يمكن تقسيم تقنيات تنفيذ الأعمال الفسيفسائية إلى عدة أصناف أساسية وفق استخداماتها ومواد إنتاجها وطرق تصنيعها. فأول هذه الأنواع نجد النوع التقليدي والكلاسيكي الذي يشمل أساساً الأحجار الأولى مثل الرخام والجرافيت وحجر الأرض النادر الأخرى واستخدام تطورات أخرى أكثر تقدمًا تتبع طرق بصناعة جديدة مستخدمة مصابيح خاصة لصنع أشكال هندسية دقيقة جداً وبألوان ثابتة تدوم لعصور طويلة بدون تغيير ملحوظ بل توحي بعمر جديد باستمرار قدرته على التشويق والإبهار لكل ناظريه مهما مر الوقت عليها مرور الأيام وليالي الليل الطويل الظلاميه بكل جماليتها وروعة تألق سحر خاص بها يعكس عبقرية خلق الله عزّ وجل وخالق الأكوان برؤيته الخاصة بسماء الدنيا وأرضها التي اجتمعتا سوياً هنا لنرى شيئا فريداً حقاً!
وفي الأخير نقرأ ونستنتج بأن الفن ليس مجرد ألوان وظلال وعمل صناعي فقط ولكنه روح تحرك الإبداع الإنساني بكل تفاصيله الجميلة فهو بهذا المعيار الرائع يجعلنا نتذكر دائماً أنه جزء مهم جدًا من ثقافتنا الإنسانية وأن تراثه محفوظ عبر الزمان كي نبقى نحن فطنين دائم التأثير بإرث جميل يساهم بقوة في تجديد المشهد الثقافي العالمي بتقديم رؤى مختلفة للحياة مليئة بالأمل والتفاؤل والأمان للأجيال التالية وللعالم عامة .