الفن والإبداع هما ركيزتان أساسيتان لتطور الأمم وحضاراتها عبر التاريخ. إنهما تعبير صادقا عميق يعكس روح وثقافة الشعوب ويحولها لمحات مدروسة تؤكد مكانتها المعرفية والمعرفية. بدون بيئة خصبة تدعم التفكير الإبداعي والشخصيات المبدعة، يبقى الفن مجرد صوت خافت لا يصل لحجم طاقته الهائلة.
يعتبر الفنانون بمختلف مجالاتهم مصابيح تنير طريق المجتمع نحو الارتقاء بالأخلاق والسلوكيات والسعي لتحقيق المثل العليا. لديهم القدرة الفريدة على توضيح مظاهر جمال الحياة بطرق جذابة وغنية بالمضامين العميقة.
هذه المواهب الفنية تعد جزءاً أصيلا مما قسمه الرب عز وجل بين البشر ليحققوا تكامل أفكارهم وفلسفاتهم ويتعاونوا لبناء فضاء اجتماعي أكثر انسجاما وسعادة. عندما يتم دعم واستثمار مواهب هؤلاء الأفراد، يحدث نقلة نوعية في المشهد الثقافي والفكري للأمم، مما يؤدي بدوره لتحسن شامل في جوانب عديدة منها الاقتصاد والفكر الاجتماعي والسياسة وغيرها الكثير.
ويعمل الفن هنا كمراكب انقاذ ترتفع فوق مستوى الخطابة الضيقة المغلفة بالسطحية والكلام الجاف لتنقل الرسالة بروح حيّة وصلبة عبر شاشة واسعة تتسع لكل مكونات الإنسان المدنية والفنية والنفسية والجسدية أيضًا! إنها أدوات مؤثرة للغاية -إيجابيا وسلبيا حسب الطريقة التي تستخدم فيها-. لذلك، يستوجب التأكيد على ضرورة احتضان ودعم الفنانين الصادقين الذين يسعون للابداع الخارج من رحم المسؤولية الاجتماعية والحفاظ عليهم لأن لهم دور ريادي رائد يستطيع تخليد ذكرى ممتازة لمنجزاته رغم اختفاء شخصيته الذاتية ذات يوم. وفي نفس الوقت، يجب التنبه لما يسمونه "الفن للبيع" والذي غالب الظن أنه لن يقود الا للتدمير الذاتي والاستلاب لشخصانية الانسان ورغباته الدنيوية المحرمة شرعا وعقلا واجتماعيا....
وبهذه القاعدة الأساسية للعلاقة بين الفن والإبداع والحياة اليومية للسكان، سوف تشهد الأجيال المقبلة نموا متواصل للشخصية الوطنية والقومية المستمدة من تراثها القديم الغابر ومن مستقبل افتراضي أفضل بإذن الله سبحانه وتعالى...