هيمنة فنها ومساهماتها الجادة جعلت منها أيقونة بارزة في عالم الفن الشرقي، فكانت الشخصية المثيرة التي لفتت الأنظار وتُعدّ رمزاً مميزاً للرقص والتعبير الفني المصري والعربي. تحية كاريوكا، الاسم الحقيقي "روحية محمد حسن"، هي سيدة الراقصات المصرية وعندليب الشاشة الشرقية بلا منازع. ولدت يوم 22 فبراير عام 1919 بمصر الجديدة بالقاهرة لعائلة متوسطة الدخل ولكن ذات أصالة كبيرة ومحبة للأدب والفنون. منذ نعومة أظفارها، ظهرت موهبتها الاستثنائية في رقص شرقية التقليدي مما دفع والدتها لنقلها إلى إحدى مدارس تعليم الرقص الشرقي عندما بلغ عمرها عشر سنوات فقط!
بدأت مشوارها الاحترافي تحت اسم "كوليما" ثم غيرته لاحقا ليصبح أكثر شهرةً وهو "تحية كاريوكا". اشتهرت بتقديم عروض مبتكرة تجمع بين روحانيات رقصة الكرنك والجرش الخفيف مع لمسات جديدة ومتجددة؛ ما منح أدائها طابعا خاصّا وفريدا جذب إليها العديد من محبي هذا النوع الثقافي الغني. أثارت بعض حركاتها جدلا واسعا نظراً لحساسيتها الاجتماعية حينذاك إلا أنها تمكنت بسرعة شديدة من فرض وجودها كمؤسسة أساسية لهذه الصناعة الناشئة آنذاك.
على الرغم من انتقاد البعض لتلك الاختيارات المتحررة نسبيًا بالنسبة للمجتمع المصري القديم، فإن تأثيرها كان هائلاً وملحوظ حتى خارج حدود مصر نفسها! فقد تعددت مشاركاتها الدولية وحصلت على عدة تكريمات وجوائز تقديرا لإنجازاتها وتأثيرها الكبير. كما شاركت أيضا في أفلام سينمائية رفقة كبار النجوم العرب مثل عبدالحليم حافظ وسعاد حسني وغيرهما الكثير ممن تركوا بصمة واضحة فى تاريخ السينما العربية الحديثة.
كان لها دور مهم جدا داخل نسيج المجتمع عبر التفاعل المستمر مع القضايا الإنسانية الهامة وعلى سبيل المثال دعم قضية المرأة وكفاح الفقراء والأيتام وغير ذلك كثير...ذلك بالإضافة لمساهمتها الواضحة والمباشرة بنشر ثقافة بلادها حول العالم اجمع عبر عرض رقص تراثي بحت . لكن رغم كل هذه الإنجازات، ظلت شخصية مثيرة للسخرية والفضول الإعلامي بسبب تصرفاتها الجريئة والتي اعتبرها البعض مبالغا فيها وقتذاك.
توفيت الفنانة العظيمة سنة ١٩٨٤ تاركة إرثاً فنيًّا عملاق يتمثل بحوالي خمسين فيلم سينمائي وثلاثين مسرحية غنائية راقصه إضافة لانطباع دائم يدوم لدى الجميع مهما تغير الزمن أو تبدّل الطباع.. إنها حقًّا مثال حي لكل أمجاد الوطن العربي المجسد بالأفعال والإنجازات المشرفة!