القانون: تاريخ وآلية وآثار موسيقية تتجلى في سبعين وثلاثة أوتار

آلة القانون، واحدة من أهم الأدوات الموسيقية في التراث العربي والإسلامي، لها تاريخ غني ومعقد يعكس ثقافة وفترة زمنية مميزة. رغم اختلاف الرأي حول أصولها،

آلة القانون، واحدة من أهم الأدوات الموسيقية في التراث العربي والإسلامي، لها تاريخ غني ومعقد يعكس ثقافة وفترة زمنية مميزة. رغم اختلاف الرأي حول أصولها، إلا أنها تشهد على وجودها منذ العصور الإسلامية الأولى، ربما حتى قبل عصر الدولة العباسية. الاسم نفسه يرجع للجذر اليوناني "kanon"، وهو مصطلح يعني الصنف أو النظام، مما يدل على دورها المركز كـ"دستور" للألحان والموسيقى الشرقية.

هذه الآلة الثمينة تتكون من قسمين رئيسيين: لوحة مستطيلة ذات جوانب منحنية قليلاً لتشكيل مثلث عند أخذ الجانبين القصيرين منها فقط. داخل التصميم المغلق يوجد حوض كبير فيه يتم وضع الأوتار بشكل مرتب ومنظم للغاية. الفرضية الرئيسية حول تصميم القانون تعتمد على نظام "الأوتار الثلاثية"، حيث يجتمع كل ثلاثة أوتار لنفس الدرجة أو النغم. هذا النظام الفريد يسمح بتقديم مجموعة هائلة من الأصوات تغطي تقريبًا كل مقام موسيقي عربي معروف.

أما بالنسبة لعدد الأوتار، فهو أحد أكثر المواصفات إثارة للإعجاب لهذه الآلة. وفقًا للتطور والتحديثات الحديثة، قد يصل مجموع الأوتار إلى 87 وتراً. ولكن التقليد الأصلي يحافظ على رقم أساسي مهم - 24 نغمة بثلاث أوتار لكل منها، وبالتالي يصل المقدار الإجمالي لأكثر من 72 وتراً بمختلف درجاتها وتعقيداتها.

العزف على آلَّةِ القانون عملية دقيقة تستوجب الكثير من المهارة والصبر. يتم استخدام اليد اليمنى لإعطاء النغمة الأساسية ("المقام") باستخدام أصابع السبابة والوسطى والخنصر لتحقيق أعلى مستوى من الوضوح والدقة. بينما تقوم اليد اليسرى بدعم هذه النغمة بإصدار الأنصاف أو الرباعيات عبر جهاز متحرك خاص يسمى "الحوامل". وهذا الجهاز المصنوع من معدني يحتوي على عناصر صغيرة يمكن رفعها وخفضها حسب الطلب أثناء التنقل بين المقامات المختلفة بالنظر للنظام المعقد للأوتار المتعددة.

بالإضافة لمكانتها البارزة في مجال الموسيقى العربية والعروض الفردية، تعد آلة القانون أيضًا جزءًا مهمًا من تركيبة الأوركسترات الشرقيــة الحديثــة والأوبارات السلطانية القديمة. إنها ليست مجرد مجرد آلة بل رمزاً للحرفية الموسيقية والبراعة الهندسية والثراء الثقافي الذي تكشف عنه تراثنا الموسيقي الكبير.


فايزة البدوي

27 مدونة المشاركات

التعليقات