ام كلثوم بنت عبد الرحمن البيومي، والتي عُرفت باسم "كوكب الشرق"، كانت أيقونة غنائية مصرية وعربية بارزة تركت بصمة لا تمحى في تاريخ الموسيقى العربية الحديث. ولدت في 31 ديسمبر عام 1898 في مدينة طنطا المصرية لعائلة فنية معروفة منذ القدم. بدأت مسيرتها الفنية وهي طفلة صغيرة تحت إشراف والدها الشيخ علي البيومي، والذي كان مطرباً ومدرس موسيقى مشهوراً.
كان لوالد أم كلثوم دور كبير في تشكيل موهبتها وتوجيهها نحو طريق الفنون الجميلة. لقد علمها القراءة والكتابة في الموسيقى وأكسِبَها مهارات متقدمة في الأداء الصوتي والعزف على العود. مع تقدّم عمرها واكتشاف المزيد من المواهب والاستعدادات الطبيعية لديها، أصبحت صوتاً مميزاً يجمع بين الجمال الرومانسي والفخامة الثقافية التقليدية للموسيقى العربية.
في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، أصبحت أم كلثوم رمزاً وطنياً ومعبراً عن المشاعر العامة تجاه الوطن والمجتمع المصري والعربي بشكل خاص. أغانيها التي تعالج أفكار الحرية والعدالة الاجتماعية والثورة ضد الاستعمار أثارت الشرارة في قلوب العديد ممن كانوا يعيشون ظروف صعبة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
بالإضافة إلى أهميتها كفنانة، فقد لعبت أم كلثوم دوراً محوريّاً في دعم التعليم والتبادل الثقافي. أسست مدرسة خاصة لتدريس الأطفال الفقراء المجانية وشاركت بنشاط في تطوير البرامج التعليمية الابتدائية المتعلقة بمواضيع مثل التربية الأخلاقية والتسامح الديني. كما أنها دعت لمناهضة الأمية ونظمت حملات خيرية لدعم هذه الحركة الوطنية الهامة آنذاك.
توفيت أم كلثوم يوم 3 فبراير سنة 1975 بعد حياة حافلة بالإنجازات الفنية والإنسانية، لكن تراثها المستمر يؤكد مكانة لها باعتبارها واحدة من أعظم الفنانين العرب الذين ساهموا بإحداث تغييرات ثقافية واجتماعية عميقة عبر أدائهم الفني الشعبي المؤثر حتى اليوم.