في أعماق غابات روسيا الشاسعة، وتحديداً في منطقة التندرا الجليدية لسيبيريا، تعيش حياة فريدة تجمع بين امرأة عجوز وحيد القرن الأبيض النادر، وهو حيوان مهدد بالانقراض. هذه ليست مجرد قصة صداقة عرضية؛ إنها رحلة تتخطى الحواجز الطبيعية والمجتمعية لتظهر لنا جمال الإنسانية والرحمة تجاه الحياة البرية.
كانت السيدة العجوز، التي كانت تعرف محليا باسم "ناتاليا"، قد عاشت كل حياتها تقريباً في تلك المنطقة النائية الباردة. لقد شهدت تغييرات كثيرة خلال فترة وجودها الطويلة، لكن شيئا لم يكن يستعد لها لحدث غير متوقع سيغير مسار حياتها إلى الأبد. بينما كانت تقوم بغذاء قطيعها الصغير من الغزلان، رأت ناتاليا دب أبيض صغير يتجول بمفرده وسط الثلوج العميقة. كان الدب يبدو ضعيفاً ومتعباً، وقد فقد أمّه بسبب مطاردات الصيادين المحترفين الذين يبحثون عن الفرائس المرغوبة لأجل التجارة العالمية للمواد الخام والمنتجات الجلدية.
تأثرت ناتاليا بشدة عندما شاهدت هذا المشهد المؤلم. بدلاً من الخوف أو تجنب مثل هذه المواجهة الخطرة، قررت تقديم يد المساعدة للدب اليتيم. أخذت الطفل الضعيف تحت رحمتها ودعت له بالشفاء والعافية. بدأت بتوفير الطعام المناسب والكافي له حتى بدأ في التعافي بشكل ملحوظ. مع مرور الوقت، أصبح الدب جزءً لا يتجزأ من عائلة ناتاليا الصغيرة، ويُطلق عليه اسم "بيريك".
على الرغم من المخاطر المرتبطة بالحياة بالقرب من الحيوانات الكبيرة والفريسة البشرية المعتادة للحيوانات مفترسة مثلالدب القطبي, إلا أنهن استمرا في بناء علاقة قوية ومستمرة منذ ذلك اليوم فصاعدا . شاهد المجتمع المحلي هذه الروابط الخاصة وعجب بها البعض واعتبرها آخرون مصدر خطر محتمل ، لكن بالنسبة لهم جميعاً، كانت حقيقة واحدة واضحة وهي قدرة الإنسان على خلق روابط عميقة خارج حدود النوع والتقاليد الاجتماعية التقليدية إذا ما تمت رعايتهم بكل الحب والاحترام المستحقين لكل شكل من أشكال الحياة البرية .
إن قصّة ناتاليا وبريك هي شهادة للعلاقات الإنسانية الرائعة والتي يمكن إنشاؤها عبر الزمن والجنسية والثقافة المختلفة أيضا ؛ إنها برهان حي حول أهمية الرعاية والحماية البيئية وأننا كأفراد قادرين حقاً على إحداث تغيير ملموس فى العالم من حولنا مهما بلغ فارق الأحجام والقوة الظاهرية ظاهراً فقط...