"في بيتنا رجل"، وهي من أشهر أعمال الروائي المصري الراحل نجيب محفوظ، تعدّ تحفة أدبية تقدم للقارئ تجربة غنية ومثيرة عبر سرد مؤثر وحكي شيق للأحداث. تدور أحداث هذه الرواية حول حياة عائلة مصرية تعيش في حي الجمالية بالقاهرة وتواجه تحديات الحياة اليومية وظروفها الصعبة. الشخصية الرئيسية هي الدكتور أحمد عبد الجواد، عالم نفسي يبدأ بنزعته الفلسفية وتحليله النفسي للذات البشرية محاولاً فك طلاسم العلاقة بين أفراد مجتمعه وبين ذاته بشكل خاص.
تكتسب القصة طابعها التشويقي عندما يعود أخو الدكتور أحمد الأكبر عمر من المنفى بعد سنوات طويلة قضاها خارج البلاد بسبب خلافات سياسية مع نظام الحكم آنذاك. هذا الحدث يشكل نقطة التحول الرئيسية التي تقلب موازين السلام الداخلي للعائلة رأساً على عقب. تبدأ الأجواء المشحونة بالتوترات والخلافات تنبعث داخل المنزل مع وصول شخصية جديدة تحمل أسرار الماضي والحاضر معًا.
إن رواية نجيب محفوظ ليست مجرد قصة عائلية بسيطة؛ بل إنها عميقة ومتعددة الطبقات تستعرض مشاعر الحب والخيانة والأمل والإخفاق بطريقة متوازنة وشاملة. تتعمق الرواية كذلك في التساؤلات الفكرية والثقافية حول الهجرة والقيم الأسرية والتغييرات الاجتماعية التي تمر بها المجتمعات المتغيرة ديناميكياً.
باستخدام لغة نابضة بالحياة ومعبرة، ينقل لنا محفوظ جماليات وألم بيئة القاهرة القديمة وكيف تؤثر تلك البيئات المحلية على شخصيات رواياته. فهو ليس فقط يحكي قصة لعائلة واحدة وإنما يستكشف أيضاً الظواهر الإنسانية الشائعة المعقدة والمفصلة بدقة شديدة بحيث تشعر بأن كل حرف وكل كلمة مكتوبة خصيصاً لك كمُتلقي محتدم الرغبة في معرفة المزيد عن النفس البشرية وما قد تخفيه العلاقات البشرية المختلفة تحت سطحها الخارجي الباهت أحياناً.
تظل "في بيتنا رجل" عملاً خالدًا يستحق الدراسة والنظر نظراً لما تضمه من رؤى عميقة ودراسات اجتماعية نفسية مستوحاة من التجارب الحقيقية للحياة المصرية خلال فترة زمنية مهمة للغاية بالنسبة لتاريخ الثقافة المصرية الحديثة.