تعد رواية "أم سعد" واحدة من الأعمال الأدبية البارزة للكاتب المصري الراحل نجيب محفوظ، والتي تصدرت المشهد الثقافي العربي منذ صدورها في عام ١٩٦٢. تتبع الرواية قصة امرأة تُدعى أم سعد، التي تعيش حياة مضطربة ومليئة بالمفارقات داخل مجتمع القاهرة القديم، وتكشف لنا جماليات الحياة المصرية التقليدية بالإضافة إلى عيوب المجتمع وآثاره الاجتماعية المضرة.
تبدأ القصة مع شخصية أم سعد نفسها؛ امرأة ذات ماضي مجهول وصورة غامضة لدى سكان الحي الذين يعرفونها فقط كأم لأحد الغلمان الصغيرين. يمتزج الماضي بالحاضر بشكل غير متوقع عندما تبدأ أحداث الموت المفاجئ لغلام آخر يدعى حسين ابن خال زوجها السابق. يؤدي هذا الحدث إلى سلسلة من الأحداث الدرامية والمفاجآت التي تكشف أسراراً مخفية حول هوية الأم الحقيقية لهوسن وكيف أصبحت جزءاً من منظومة العلاقات المحلية المعقدة.
مع تقدم الرواية نرى كيف تسعى أم سعد لتبرير وجودها وتصحيح الوضع الاجتماعي الذي وجدت فيه نفسها بعد انفصالها عن زوجها الأول بسبب زواجه مرة أخرى. إنها تحاول بناء حياة جديدة لها ولابنها رغم العقبات العديدة والصراعات اليومية داخل العائلة الموسعة وفي الشوارع الضيقة للمعيشة الشعبية بمصر القديمة.
يستخدم نجيب محفوظ هنا تقنية سرد مطولة ومتشابكة لإظهار بنية اجتماعية واسعة ومتداخلة، مما يعكس رغبته في تصوير الواقع المصري بكل تفاصيله وعمقه الإنساني المتعدد الطبقات. كما أنه يستغل الطبيعة الفريدة للشخصيات الرئيسية والثانوية لعرض مجموعة متنوعة من المواقف الأخلاقية والنفسية المختلفة ضمن إطار درامي مثير للاهتمام.
في النهاية، تعتبر "أم سعد" أكثر من مجرد عمل أدبي - هي مرآة تعكس تاريخ وثقافة مصر خلال القرن العشرين، وهي شهادة حية على مواهب نجيب محفوظ الاستثنائية كمؤرخ وأديب بارع قادر على نقل أصوات ومعاناة الناس العاديين بطريقة مفعمة بالإنسانية والفلسفة العميقة حول طبيعة البشر والكائنات الأخرى الموجودة خارج حدود الزمان والمكان.