رواية "رجال في الشمس"، من تأليف الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني، تعد واحدةً من الأعمال الأدبية البارزة التي تستكشف آثار النكبة الفلسطينية وما خلفته من تشرد وتعاسة. تركز الرواية على الأربعينيات والخمسينات من القرن الماضي، مستعرضة حياة أربعة رجال فلسطينيين من خلفيات اجتماعية واقتصادية وثقافية متباينة، ولكل منهم حلم وآمال قد تغير مجرى حياتهم نحو الأفضل. ومع ذلك، تبقى نهاية رحلتهم مؤلمة بسبب تصرفات القدر وظروفهما المضطربة.
تنقسم الرواية إلى عدة أقسام رئيسية، تبدأ برحلة ثلاث شباب فلسطينيين هم سعد وأبو قيس ومروان للهروب عبر الحدود باتجاه دولة الكويت بحثًاعن فرص عمل وتحقيق الأحلام. وفي طريقهما التقيا بأبي الخيزران الذي وعد بنقلهما في شاحنته القديمة ولكن بخزان مغلق! هنا تكمن الرؤية الرمزية الدقيقة للكتابة؛ فالخزان يمثل الضغط النفسي والمعاناة الداخلية للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي. إن منع هؤلاء الشباب من طرق جدران الخزان بشكل نشيط يصور حالة اليأس والقمع المستحكم داخل نفوس الفلسطينيين الذين يعانون بصمت ويتوقون لإطلاق صرخة الحرية ولكن دون جدوى فعالة.
يتمثّل الهدف الرئيسي لهذه الرحلة البطولية القصيرة نسبياً لكن تأثيرها الدرامي واضح للغاية لدى الشخصيات والأحداث المشابهة لها حقيقة ماضي شعب عديدة كانت ولا زالت تعاني الأمرّين نتيجة الحروب والإجراءات القمعية المتعددة ضد وجودها وحقوقها الأساسية. يمكن اعتبار هذا العمل الأدبى كاتفاق بين الواقع المرير والتخييل الفني المبهر الذى رسم ملامحه قلم مبتكر مثل غسان كنفاني وبالتالي جعل رسائل النص موجهات مباشرة للقضايا السياسية المركزة حول قضية العرب والعروبة عامة وفلسطينية خاصة. لذلك فهو ليس مجرد كتاب يستحق القراءة بل مصدر إلهام وعبرة لمن يرغب بفهم جوهر تلك الحقبات المؤلمة ودروس تاريخ كتبت بالحبر الأحمر لعالم العربي الكبير!
