قصة سيدنا صالح: النذير الأمين وقومة ثمود العنيدة

رسالة النبي صالح عليه السلام كانت رسالة توحيد ودعوة لأنبيائه، بلبل آل لوط، إلى طريق الحق والإيمان بالله سبحانه وتعالى. جاء هذا الرسول الكريم من سلالة

رسالة النبي صالح عليه السلام كانت رسالة توحيد ودعوة لأنبيائه، بلبل آل لوط، إلى طريق الحق والإيمان بالله سبحانه وتعالى. جاء هذا الرسول الكريم من سلالة أبي البشر نوح عليه الصلاة والسلام، وهو ابن أخي إبراهيم خليل الرحمن. لقد ولد صالح بن العبد بن ماسح بن عبيد، ومن هناك نسبه الشريف يعود مباشرة إلى جدّه الأكبر سام بن نوح الطاهر. ونزل جبريل على المؤمنين والأطهار برسالة سماوية واضحة:" يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره."

كان أهل مدينة الحجر الجوالة -التي تعتبر موطن قبائل ثمود- معروفين بشدة بطشهم وقوتهم الجسدية الهائلة. وقد أثارت قدرتهم الفريدة على منحوتات المساكن من صخر المنطقة اهتمام العالم القديم باستمرار. لكن رغم كل تلك البركات والعلامات الظاهرة الأخرى لنعم الله جل جلاله, أصروا على تكذيب حقائق الدين والدعوات الخيرة للنبي المجاهد والصبور.

وفي تجربة عظيمة ومثال حي لإحدى عجائب الأنبياء, دعا قائدهم المبارك "صالح" إلى دليل مرئي واضح يؤكد رسالته. فأجاب الرب عز وجل دعوة عبدّه, فظهرت لناقة شامخة خرجت من وسط الصخور كتأكيد لقوة قادر قادر لكل شيء .وقد أدى ظهور هذه المعجزة الرائعة إلى زيادة عددهم المؤمنين قليلاً قبل تفشي الفتنة مرة أخرى وانتشار روح الشرّ والخيانة داخل مجتمعهم المتخاصم. فعلى الرغم من تحذيرات المصطفى الرؤوف لمنعه إياهم عن إيذاء الحيوانات المقدسة ,إلا أنه وفي لحظة غدر وخيانة مبكرة ، قام مجموعة مختارة ممن لديهم نفوذ بارز بتوجيه واتفاق مشترك بين بعض زعماء المجتمع لتخطيط جريمة لا تغتفر تمثل بقتل الناقة. وهذا العمل الدنيء أغضب رب العالمين فدعا بمحاسبة هؤلاء المرتدين عبر تسليم قضاياهم للعقاب المطلق وفق حكمه الأسمى.

وعند اقتراب نهاية عمر هذه القرية الصغيرة المتعطشة للفساد والعصيان, قررت الرحمة الخالق الانتظار لمدة ثلاث أيام فقط حتى يمكن تخفيف الحكم النهائي عليهم وإعطائهم فرصة لرؤية ضلال طرقهم وانكساره أمام القدر .لكن تأجيل عقوبتهم الوشيكة لم يكن نتيجة تغيير قلوبهم؛ بدلاً من ذلك، ظلوا شجعانًا ومتظلمين بصفتهم أولئك الفارّين من العدالة المقترفة الخطيئة ضد رسول الله المنتظر محمد صلى الله عليه وسلم! أدى تعنت جهلهم وعدم احترام سلطان الملك العالمي المقيت إلى إسكاتهم بشكل نهائي وصاعقة سماويّة متناهية في شدتها والتي هدفت لتنفيذ أحكام الآيات الأخيرة الخاصة بكشف أسرار فساد ثمود وأهل الكتاب الآخرين : «لقد كذب أهل الحجر الرسل.»

وهكذا تختفي ذكرى شعب ثمود تمامًا بينما يستمر اسم صديق الرب صالح نورًا للأجيال التالية باعتباره شاهدًا صادقًا لدائمة الصدق والتزام تجاه مهمته الروحية المقدسة مهما كانت العقبات والمعاناة. إنه مثال للتقدم الأخلاقي البطولي والفداء العظيم عندما يكون الإنسان مخلصًا للحقيقة والقانون الإلاهي الأعلى بغض النظرعن مصيره الشخصي والمجتمعي.


محبوبة بوزيان

25 مدونة المشاركات

التعليقات