رجال في الشمس: تحليل نقدي للرواية الشهيرة لغسان كنفاني

رواية "رجال في الشمس" هي واحدة من الأعمال الأدبية البارزة التي كتبها غسان كنفاني، أحد أبرز الكتاب العرب في القرن العشرين. كتبت الرواية عام 1962 وهي تع

رواية "رجال في الشمس" هي واحدة من الأعمال الأدبية البارزة التي كتبها غسان كنفاني، أحد أبرز الكتاب العرب في القرن العشرين. كتبت الرواية عام 1962 وهي تعتبر انعكاساً عميقاً لتجارب الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال الإسرائيلي. تستعرض الرواية حياة ثلاثة رجال فلسطينيين - أبو القيس، أسعد، ومروان - الذين قرروا الهجرة غير الشرعية إلى الكويت، ويقابلون لاحقاً رجلاً رابعاً يدعى أبو الخيزران والذي يعرض مساعدتهم. تتشابك قصص هؤلاء الرجال مع الألم والصراع الذي يجسد مأساة اللاجئين الفلسطينيين الذين فقدوا وطنهم وهويتهم.

تدور أحداث الرواية بشكل أساسي حول الرحلة المؤلمة لهذه الشخصيات الأربع نحو الكويت، باستخدام طريقة تهريب خطيرة تتمثل في الاختباء داخل صهاريج مياه ضيقة وساخنة. تُظهر الرواية تحديات ومعاناة هؤلاء الرجال ليس فقط في مواجهة الطقس الحار والبقاء مختبئين لفترة طويلة بدون طعام أو شراب، ولكن أيضاً في التعامل مع واقع عدم اليقين والخوف المستمر من الاستيلاء عليهم من قبل السلطات.

تأخذنا الرواية في عمق تجارب هؤلاء الأفراد وكيف أثرت ظروفهم الشخصية والمجتمعية على قراراتهم وأفعالهم. كل شخصية لديها قصة خلفية فريدة من نوعها تؤدي إلى مشاركتها في هذه المغامرة الخطيرة. يُظهر كنفاني بذلك مدى تأثير الظروف السياسية والاجتماعية على القرارات الفردية للشعب الفلسطيني خلال فترة النكبة.

الأسلوب الأدبي لكطفاني يتميز باستخدامه للحوار الداخلي والشخصي الواضح للتعبير عن المشاعر الإنسانية الصعبة لهذه الشخصيات، مما يجعل القارئ يشعر بتجربة الواقعية الاجتماعية والفلسفية التي تقدمها الرواية. إنها ليست مجرد سرد للقصة بل استكشاف عميق للروح البشرية وتاريخ شعب عاش أعظم المصاعب.

في النهاية، تكشف الرواية قدرة الفن والثقافة على تقديم صور حيّة للأحداث التاريخية والدراما اليومية للعراقيل الاجتماعية والفردية التي يمكن أن يخلقها النظام السياسي والقمع. "رجال في الشمس"، رغم أنها مكتوبة منذ عقود مضت، تبقى ذات صلة حتى اليوم لأنها تحكي قصة مستمرة عن البحث عن العدالة والكرامة الانسانية وسط اضطهاد مستمر.


ضحى العروسي

9 مدونة المشاركات

التعليقات