قصة صاحب الجنتين: درسٌ عميقٌ في الحياة والمُعايَرة الإلهيّة

يحكى أن هناك رجلاً كان يملك جنّتين خصبتين، كانت الأولى ذات أرض غنيّة ومياه عذبة وأشجار مثمرة وظلال كثيفة، أما الأخرى فكانت خاوية وجافة بلا رطوبة ولا ن

يحكى أن هناك رجلاً كان يملك جنّتين خصبتين، كانت الأولى ذات أرض غنيّة ومياه عذبة وأشجار مثمرة وظلال كثيفة، أما الأخرى فكانت خاوية وجافة بلا رطوبة ولا نباتات ولا ظلال. وفي يوم من الأيام، زار الرجل زوجته الجنينة الخصبة وقال لها وهو يشير إلى الجنينة الخالية القاحلة: "يا امرأتي هذا لي وهذا لشريك". هنا بدأت القصة لتكشف المعاني العميقة حول تقدير النعم ونكرانها.

في هذه القصة التي رواها القرآن الكريم في سورة الكهف الآيتان 32 و34، يجسد الله سبحانه وتعالى حكمة قدره وعلمه بقدر الجميع. يعيش الرجل حياة الترف والتفاخر بنعمائه، وينسى ذكر محبوب قلبه - خالقه - ويظن بأن نجاحاته هي نتاج جهده فقط. ولكن عندما يأتي الصباح التالي، تجد الزوجة نفسها وحدها أمام الدمار والخراب بعد أن أتت عليها آفة لم تستطع مقاومتها؛ فقد ذاب كل شيء بين ليلة وضحاها!

وإلى جانب ذلك، كانت الجنينة الثانية مليئة بالأثمار والأزهار رغم قسوة الظروف فيها وعدم وجود أي مصادر مائية واضحة. لكن الفرق يكمن في التقدير والإخلاص لله عز وجل. فالرجل الثاني، رغم بساطة حاله، كان يستعين بربه دائماً ويعترف بأنه مصدر البركة والنماء.

ومن خلال دراسة هذه القصة نستخلص دروساً مهمة تتعلق بمفهوم النعم وموقعها في حياتنا اليومية. أولاً، يدفعنا الحديث القرآني للاعتراف بالنعم واستخدامها بحكمة وتوجيه إيمانيين. ثانياً، يؤكد لنا أهمية الشكر والعرفان تجاه ما منحناه إياه رب العالمين. أخيراً، يحذرنا من مغبّة الغرور والاستمتاع الزائف بالمال والثروة خارج حدود رضا الرب جل جلاله. إن قصة صاحب الجنتين تشجع الأفراد على التفكير العميق فيما هم مقترضون منه حقاً وما هو موعود بهم مستقبلاً بناءً على مواقفهم الحالية وفهمهم لحقيقة الدنيا وزوالها.


أنوار بوزيان

10 مدونة المشاركات

التعليقات