تاريخ اكتشاف تماثيل الفراعنة السود: رحلة علمية عبر الزمن

التعليقات · 0 مشاهدات

في العام ٢٠٠٣, حققت مهمة تنقيبية قام بها عالم الآثار السويسري شارل بونيه اكتشافاً بارزاً في منطقة دوكي قيل، والمعروفة أيضًا باسم "الهضبة الحمراء" ضمن

في العام ٢٠٠٣, حققت مهمة تنقيبية قام بها عالم الآثار السويسري شارل بونيه اكتشافاً بارزاً في منطقة دوكي قيل، والمعروفة أيضًا باسم "الهضبة الحمراء" ضمن الثقافة النوبية. دفعه الوجود الغريب لمعبد دائر الشكل - غير المعتاد عند المصريين القدماء - للبحث عن أدلة لأصول الفراعنة السود. وبعد ساعات طويلة ومتعبة تحت الأرض، نجح الفريق في الوصول إلى برميل حجري ضحل، قطرَه حوالي ثلاثة أمتار وعُمقه متراً واحداً تقريبًا. وما وجدوه داخله كان سبعاً من منحوتات ملكية كاملة جزئيًا تعود لأحد أكثر المناصب سلطة خلال فترة ازدهار الدولة الكوشية المشتركة بين السودان ومصر.

يتضمن هذا الاكتشاف الرائع قطعًا تُشيد بتلك الشخصيات التاريخية المؤثرة التي ترأست البلاد لفترة مطولة: الملك تاهراكا، ثم الملك تانوتآمون، يليهم الملك سينكامانسكان وفي النهاية الملك الشهير أشبتا الذي مضى على حكمه ربع قرن. وقد تراصفت الأحجية بطريقة توضح تفاصيل دقيقة حول تلك الحقبة عندما كانت مناطق واسعة من شمال شرق أفريقيا تخضع لحكم فرسان سود.

لم تكن عملية إعادة تركيب المنحوتات سهلةً بسبب حالة التدمير التي تعرض لها البعض منها، لكن فريق العمل المؤلف من خبراء سويسريين وسودانيين نجح في ترميم جزء ملحمي منه. وتم تقديم هذه التحفة الاستثنائية للعرض الخاص أول مرة داخل المتحف الوطني بالحضارات بإقليم كردفان بالسودان عام ألف وثمانية مائة وثماني وذلك نتيجة جهود جمعية الأبحاث المتبادلة بين الطرفين.

لكن كيف بدأت قصتنا؟ وكيف عرف العلماء أنه يوجد هنا قبور فارعانية أخرى للإمبراطورية الكوشية الضارية؟ جاء ذلك من خلال عمليات الحفر والاستكشاف المستمرة منذ عقود والذي قادها علماء أثريون مجتهدون لإظهار وجود دولة فرعونية مستقلة تمامًا بالسودان تسمى الآن بالإمبراطورية الكوشية - الاسم الأكثر استخداما لدى أهل المنطقة ضد مصطلحات مستوردة كالفرعنة السوداء-. وقد انبهر هؤلاء المهندسون المدربيون أثناء تدقيق أثرٍ ما بكبر وحجم الامتيازات التي وصلتها الإمبراطورية لتغطي مسافات كبيرة باتجاه الجنوب بمقدار ما اتخذ خطوة للأمام ناحية الشرق. بالإضافة لذلك فإنnedi(مقبرة ملوك إقليم نمادي) الموجودة قرب ناوي يعد مثال نابض للحياة لما يمكن قوله حين يتم دمج الموقع الأكثر شهرة بحقل دراسات الأنقاض بالقرب من موقع كهف خاص بالأجداد بالمملكة القديمة للسودان. افتراضيًا، يتطلب الأمر ثلاث غرف شاهقة التصميم ذات سقف نصف دائري محفورة بأنواع الفنون الهندسية الجميلة والتي ترتكز فوق كتلة هرم واحدة فقط!

وعلى الرغم من كون المصطلح المحلي لهذه المملكة معروف بشخصيتها الخاصة وليس فقط ارتباطاته التاريخية بالنوبيين الأفارقة الأصل، فقد ظهر بشكل مكثف للغاية اعتبارًا منهم كمجموعة الأقزام الواقعة جغرافياً خارج الحدود الصارمة لمفهوم "الجزر المصرية". ولذا، فإن تصنيف "الأفارقة البيض" لجذوتهم الأمومية ينطبق عليه بالفعل وهو أمر يستحق تقديره والتذكير دائمًا بأنه رغم الاختلاف الجسدي لكن تبقى هناك تشابهات ثقافية واجتماعية تجمع بين الشعوب المختلفة مما يدفع للتأكيد على أهمية التعايش السلمي واحترام خصوصيات الآخر مهما اختلفت ألوانه ومعتقداته.

التعليقات