في أعماق البحار الزرقاء العميقة، تعيش كائنات خيالية تتلألأ كالنجوم تحت الماء - الحوريات. واحدة من هذه الحوريات البراقة كانت "سيلينا"، التي عاشت في حضن الشعاب المرجانية الجميلة في منطقة مغمورة بضوء الشمس الذهبي. سكنت سيلينا العالم تحت الأمواج لسنوات طويلة، وهي مليئة بالأعجوبة والحيرة بسبب أساطير عالم الإنسان الذي سمعته عبر الأصداء الغريبة للأمواج.
كان حلمها الخفي هو التعرف على هذا العالم الفاتن الذي وصفوه لها كبار السن من سكان القاع. تلك القصص حول المدن الشاهقة والسماء الواسعة المليئة بالنجوم والأشخاص الذين يعيشون فوق خط المياه، جعلت قلبها ينبض بحماس شديد. ولكن مع كل جمال وتقدم ذلك العالم، كان هناك خطر كبير يمنع أي مخلوق بحر من زيارته؛ فإنسانهم معروف بالقوة والمكر، واستخدام أدوات غريبة قد تكون ضارة بالنسبة للحياة البحرية.
وفي يوم مشرق بشكل خاص، قررت سيلينا المخاطرة وكلفت نفسها بتحقق أحلامها وأوهام شبابها. انزلقت بلطف خارج كهفها المائي وبدأت تدريجيًا الصعود نحو سطح الماء، متجنبة العينين الحادتين للأسماك الكبيرة والعواصف الجوفية الصغيرة حتى وصلت أخيرا إلى نقطة بداية المغامرة - منحدر الضوء الأخضر الناعم بين مياه البحر الداكنة والسماء البلورية.
استطاعت الرؤية الآن لأول مرة التلال والجبال البرية وسفن الناس الصغيرة التي تحلق مثل النسور فوق رؤوسها. شعرت بسعادة غامرة لكن أيضاً خوفاً غير مبرر عندما اقتربت أكثر مما يسمح له باقي زملائها. شاهدت الأطفال وهم يلعبون كرة القدم على شاطئ قريب وبدا لهم وكأنهم صندوق مجوهرات ملونة يتحرك بكامل رشاقة ودون ألم نتيجة تعرضهم للمياه المالحة.
بينما لم تستطع الوقوف طويلاً لأن بشرطتها ستفشل حتماً بمقاومة قوة جاذبية الأرض الثقيلة عليها مقارنة بجسمها الخفيف جداً داخل الماء، إلا أنها استمتعت بكل لحظة قضتها هناك تحت أشعة الشمس المشرقة وموجة نسيم لطيف حمل رائحة النباتات الطازجة ولمسة رذاذ رقيق منها. رغم مدة قصيرة للغاية، فقد تركت لها التجربة أثراً عميقاً في روحها وعقلها وحالت دون كون حياة البحر التقليدية مرضية بما فيه الكفاية بعد ذلك اليوم الرائع والشجاع!
