في التاريخ الإسلامي المجيد، برز العديد من الشخصيات البارزة التي سطرت أسماءها بحروف من نور في صفحات النضال والكرامة. ومن بين هؤلاء الأبطال الخالدين يبرز اسم الصحابي الجليل سعد بن معاذ رضي الله عنه، فارسُ القوم وشجاعهم الكبير. كانت حياته رحلةً مليئة بالأحداث المؤثرة والشهادات البطولية التي تعكس مدى إيمانه وتصميمه اللامحدودين.
ولد سعد بن معاذ في مكة المكرمة قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بفترة قصيرة، وأصبح مسلماً مبكراً عندما سمع رسول الله يدعو إلى الدين الحق وينذر قومه بإيذائه. التحق سعد بالنبي الكريم وحفظ شريعته الجديدة بكل تفانٍ وإخلاص. وكان مثالاً يحتذى به في الصدق والأخلاق الحميدة، مما جعله محبوباً لدى الجميع.
كان لشجاعة سعد بن معاذ دورٌ بارزٌ خلال غزوة بدر الكبرى، حيث قاد ميمنة الجيش المسلم بشجاعة نادرة وقيادة حازمة. وفي المعركة، أثبت نفسه كواحد من أكثر الجنود خبرة وفروسية، فعندما رأى أحد المشركين يحاول الاستيلاء على علم المسلمين، تقدم نحوه ببسالة حتى نجح في ردعه وهزيمته أمام مرأى الجميع.
بعد ذلك، لعب سعد دوراً محورياً آخر في تاريخ الفتوحات الإسلامية المبكرة حينما شارك في فتح خيبر عام 629 ميلادي. هنا أتاحت له براعته العسكرية الفرصة لوضع خطة ذكية لاستعادة حصون اليهود المتحصنين داخل المدينة المحصنة بشكل جيد. تنوعت هذه الخطة ما بين الحيلة السياسية والدهاء العسكري، مما أدى إلى انتصار ساحق للمسلمين واستسلام سكان خيبر بلا قتال تقريباً.
لكن الشهادة التي ستظل محفورة دائماً في ذاكرة التاريخ هي تلك اللحظة الإنسانية الراقية لسعد أثناء مفاوضات الحديبية سنة 628 ميلادية. وعلى الرغم من تعرض النبي صلى الله عليه وسلم لصدمة شديدة بسبب عدم تمكنه من الوصول إلى البيت الحرام لأداء عمرة العام ذلك، إلا أنه قرر التوجه نحو مجلس قبائل قريش المقيمين هناك لتوقيع اتفاق سلام يسمح لهم بتأدية حج العام التالي بدون أي اعتراض من أهل مكة. وبينما كان الفريق العقدي يستعرض أحكام الاتفاق المتفق عليها ومعاييره القانونية الصعبة للغاية - بما فيها شرط الاعتراف بمكانة الرسالة النبوية والإقرار بها رسمياً مقابل منح المسلمين حق الدخول الآمن للمدينة مرة أخرى بعد أشهر عدّة فقط- لم يكن بوسع سعد إلّا ان يتحدث قائلاً:"أيها الناس! إننا نقبل هذا الأمر اليوم ولن نظل مقتنعين بهذا الحكم طويلا؛ لأن ديننا سوف ينتصر عاجلا أم آجلا." وبعد موافقة جميع أفراد الوفد الإسلامي بقيادة النبي الكريم عبد الله، وقع الجميع على الوثيقة الشهيرة والتي تضمنت أيضا بند تسمية العرب كافة بالإسلاميين الذين سيصطفون خلف عقيدة ونظام دولة واحدة هو نظام الدولة الاسلامية الوليدة آنذاك تحت راية دعوتها العالمية الواحدة الموحدة والمعترف لها دوليا بذلك البرهان العملي الغير قابل للنقاش والذي قدمه لنا عصر نبي الرحمة جدول زمني مؤجل زمني للتطبيق العالمي للقوانين الشرعية فيما يعرف بالعهد الأممي الدولي لحماية حقوق الإنسان ومبادئه العامة المستمد اصول معظم الاحكام منه لاحقا عبر القرون الطوال التالية لهذه الوقائع المبنية علي سنة رب العالمين سبحانه وتعالي في كتابه العزيز وسنة رسوله المصطفى سيد ولد آدم اجمعين...
هذه الشخصية المثالية للسيف والنصح والرحمة خير دليل على روح الدعوة الإصلاحية للإسلام بجميع ابعادها والمتمثلة في شخصية رجل واحد وهو الفارس القدوة القديس الفاضل الزاهد الزكي المثال الأعلى لكل جواد صبور كريم النفس حر بسيفه وسواسيه وكبير نفس وعقل رشيد وايمان عميق صادق بالنور والحق والخير..
