- صاحب المنشور: حسناء الشهابي
ملخص النقاش:
في السنوات الأخيرة, شهد العالم تحولاً كبيراً نحو مصادر الطاقة المتجددة. إحدى هذه المصادر هي طاقة الرياح التي أصبحت خيارا جذريا لمجموعة متزايدة من الدول بسبب مواردها الواسعة وبنيتها التحتية المناسبة نسبيا مقارنة بأنواع أخرى من الطاقة المتجددة مثل الشمسية والمائية. في هذا السياق, تبرز مصر كواحدة من البلدان ذات الإمكانيات الكبيرة لاستخدام طاقة الرياح نظرًا لموقعها الاستراتيجي على البحر الأبيض المتوسط الذي يوفر رياحاً ثابتة ومتجددة.
بداية, تجدر الإشارة إلى أنه رغم توفر الظروف الجوية الجيدة لتوليد الكهرباء باستخدام توربينات الرياح, فإن هناك تحديات عديدة تواجه تطوير قطاع طاقة الرياح في البلاد. أحد أهم التحديات هو نقص التخطيط والتوجيه الحكومي الفعالين في مجال الطاقة المتجددة. وعلى الرغم من وضع استراتيجية وطنية للطاقة المتجددة تستهدف الوصول بأكثر من 20% من إنتاج الكهرباء من مصادر غير تقليدية بحلول عام 2022, إلا أنها تحتاج إلى مزيد من الدعم والموارد لتنفيذها بكفاءة.
كما يلعب دور رأس المال الكبير دوراً حاسماً في بناء وتشغيل مشاريع كبيرة لطاقة الرياح. فقد أثبتت الدراسات الحديثة حاجة المشروع الواحد للتوربينات العملاقة لرأس مال يتجاوز مليار دولار أمريكي. وهذا يشكل عائق أمام الشركات المحلية الصغيرة والشراكات بين القطاع العام والخاص التي قد تسعى للاستثمار بهذه التقنية الجديدة. بالإضافة لذلك, يمكن اعتبار الافتقار للمهارات اللازمة لإدارة وصيانة محطات توليد كهرباء الطاقة الريحية واحدا آخر من العقبات الرئيسية والتي تؤثر على نجاعة هذا الانتقال الطاقوي.
من جهة ايجابية, يتمتع القطاع الخاص بشغف كبير تجاه مستقبل طاقة الرياح بمصر. حيث تتنافس شركات عالمية وشركات محلية للحصول على عقود البناء والصيانة لهذه المنشآت الضخمة. هذا الحماس يؤدي الى خلق فرص عمل جديدة وتدريب العمال المصريين الذين سيستثمرون لاحقا مهاراتهم المكتسبة حديثا في السوق العالمية. علاوة على ذلك, تعد الحكومة المصرية خطوات جريئة باتجاه تشجيع الابتكار والحفاظ البيئي وذلك عبر تقديم الحوافز المالية والدعم القانوني للشركة الوطنية للإنتاج الحربى "إيجيسكو" وهي شركة تابعة للجيش مصممة خصيصا لإنتاج التوربينات وطلمبات المياه ذات الكفاءة المرتفعة ومولدات الرياح أيضا ضمن نطاق نشاطاتها التجارية الجديدة.
وفي النهاية, رغم الصعوبات العديدة, يبدو واضحا ان طاقة الرياح تحتل مكانة بارزة في خارطة مستقبل الطاقة بالمملكة العربية المتحدة نظرا لقيمتها الاقتصادية والبيئية المحتملة. إن القدرة على تعزيز القاعدة التكنولوجية المحلية وكسب الخبرة الدولية مع تحقيق نمو معتدل لكن مستدام يجعل طريق التحول الطاقوي أكثر جاذبية واقتناعا بأنه مسارا قابلا للتطبيق حتى لو كانت الخطوات الأولى بطيئة نوعا ما.