في هذا الحديث النبوي، يعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مخاطر التأثر والتغيرات الاجتماعية التي قد تؤدي إلى هبوط مستوى الإيمان لدى المجتمع المسلم. يؤكد الحديث على أهمية الجهاد في سبيل الله والدفاع عن الدين، حيث يشكل عدم القيام بذلك أحد المؤشرات الرئيسية لنزول غضب الله وتعاسة المجتمع المسلم.
"إذا تبايعتم بالعينة"، تُشير "العينة" هنا إلى طريقة احتيالية لاستخدام الربا في المعاملات المالية، وهو أمر محظور بالإسلام. عندما يبدأ المسلمون باستخدام مثل هذه الوسائل الاحتيالية في معاملاتهم التجارية، تكون هناك مؤشرات واضحة على ضعف إيمانهم وتقصيرهم في تطبيق أحكام الدين.
ثم يأتي ذكر "أخذ آذان البقر"، مما يوحي بالتوجه نحو الحياة الزراعية فقط، تاركين هممهم ومبادراتهم جانبًا. يتحول التركيز من الدفاع عن العقيدة الإسلامية والجهاد في سبيل الله إلى البحث عن الثروة الشخصية عبر وسائل بدائية كالزراعة.
ويركز الجزء الأخير من الحديث على التحذير النهائي: "وتركتم الجهاد". ينبه النبي الكريم أن ابتعاد المسلمين عن القتال للدفاع عن دينهم له عواقب وخيمة؛ ستكون مصيبة عليهم إذ سيسبب لهم خزيًا ودونية مستمرة حتى يعودوا إلى طريق الحق ويتمسكوا بتعاليم الإسلام مرة أخرى.
هذا الحديث يحمل رسالة مهمة للمسلمين في كل زمان ومكان بأنه يجب عليهم دائماً الحفاظ على قوة وإخلاص إيمانهم وعدم الانجراف وراء مطامع الدنيا وزخرفاتها. فالتركيز الزائد على المصالح الذاتية والمادية يمكن أن يقوض الروابط بين الأفراد وبينهم وبين رب العالمين، ويؤدي بالسماء إلى نزول نقمتها وعقابها.
ومن الواضح أن تصرفات مجتمع ما ليست مجرد نتيجة للأحداث التاريخية فقط ولكن أيضًا جزء من رد فعل سماوي طبيعي للتظاهر بالنفاق الداخلي للجماعة تجاه عقيدتها. لذا فإن الدعوة للإصلاح تبدو ضرورية لمنع المزيد من الظلام والأزمات المستقبلية. وفقنا الله جميعاً لسلوك الطريق الصحيح واتباع خطوات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.